أكرم القصاص

ثورة وهمّ يضحك وهمّ يبكى

السبت، 02 فبراير 2013 06:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان التنكيت والضحك والسخرية أهم ميزات ثورة يناير، وفى قمة لحظات التوتر والتظاهر، والشائعات، لم تفارق الابتسامة وجوه المصريين، مع كل خطوة، ولم يفقد المصريون فى ميدان التحرير وميادين مصر قدرتهم على التنكيت، وكأنما انفجرت ثورة الضحك على النظام. عندما بدأت عملية سقوط الديكتاتورات كانت فى حد ذاتها نكتة، وكان تفاعل الديكتاتورات نوعا من العبث الكوميدى بدءا من «فهمتكم» التى صارت مثل، وإحنا مش تونس التى ظلت على لسان نظام مبارك، حتى لحق به.
كانت آخر نكات مبارك حول البرلمان الموازى: خليهم يتسلوا، وفى 28 يناير خرج المصريون وقالوا «أدينا بنتسلى». وفى مثل هذه الأيام قبل عامين كانت موقعة الجمل، التى أعلن بعدها الثوار أنهم مستمرون حتى رحيل مبارك، وكانت هناك شعارات ولافتات متظاهرى التحرير ومنها: رابطة نجارى مصر يسألون الأسطى مبارك: «ما نوع الغراء الذى تستخدمه؟»، ده لو كان عفريت كان طلع.. ارحل.. الولية عاوزه تولد والولد مش عايز يشوفك.. لو ما استحمتش النهارده فى بيتنا.. هاستحمى يوم الجمعة فى قصر الرياسة.
وجاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية وكانت بداية قسمة المصريين، وقال المنكتون: كان الهتاف فى التحرير «سلمية»، وفى الاستفتاء الليبراليين «مدنية»، الإسلاميين «إسلامية»، والمواطن «فسفورية». وقيل إن أحدهم دخل اللجنة وسأل مموله: «أقول نعم ولا أقول لا فرد عليه: قول يجوز».
انتهاء الاستفتاء لم يكن نهاية المطاف ولا نهاية سعيدة، فقد انقسم المصريون إلى تيارات وأهداف وصراعات، لأنهم وجدوا أنفسهم أمام نظام معقد تاه فيه الجميع، لم يعد الجيش والشعب إيد واحدة، وإنما أصبح الجيش والشرطة أيد واسعة، بعد تكرار الاعتداء على المتظاهرين وسقوط شهداء.
وانتقلت النكات والإفيهات إلى المجلس العسكرى، وأيضاً للإسلاميين، الذين اكتسحوا الانتخابات وأصبحوا أغلبية برلمانية، وأثناء الانتخابات شاعت نكتة تقول «إن قبطياً قال لصديقه صباح الخير.. فرد: صباح الحرية والعدالة. فقال له: ليه كده، قال له: مش أحسن ما أقولك صباح النور».
ثم جاءت دعوة رئيس الحكومة هشام قنديل للمصريين بلبس ملابس قطن فى أوضة واحدة توفيراً للكهرباء فحظى رئيس الوزراء بلقب «قطونيل»، طبعاً فى الواقع وليس التنكيت أصبح الحزب الوطنى محظوراً، بينما جماعة الإخوان محظوظة، وخرج السلفيون من الظل إلى حزب النور.
لم يتوقف التنكيت والسخرية، طوال عامين، ولم يمر تصريح أو كلمة، أو حتى الطوارئ التى عادت لمدن القناة، وتم فرض حظر التجول، فخرج أهالى القناة ليحتفلوا بالحظر فى الشوارع، بهتافات «ضيعتوا علينا الحظر»، و«حتى الحظر عاوزين تحرموا الناس من الفرجة عليه».. ولعب مواطنو بورسعيد مع الجيش مباراة «الحظر».
ومازال المصريون يواصلون مطالبهم فى العدالة والعيش والحرية، وهم يبتسمون ويسخرون من كل علامات وأدوات التسلط.. وكما قال الشاعر الراحل نجيب سرور» مساكين بنضحك م البلوى/ زى الطيور والروح حلوة/ سرقاهم السكين حموة/ ولسه جوه القلب أمل».. أو كما قال المثل «همّ يضحك.. وهمّ يبكى».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة