أكرم القصاص

داعش وصناعة الإرهاب المعولم.. رايات دينية فى خدمة الحرب الرابعة

الأربعاء، 04 أبريل 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لايمكن اعتبار كل هذه التنظيمات التى ترفع رايات إسلامية فى الشرق الأوسط نتاجا طبيعيا، وكل يوم تظهر راية جديدة تختفى خلفها جماعة أو تنظيم ينضم إلى تنظيمات تسعى لاقتسام الغنائم، ويكفى أنه خلال الشهرين الأخيرين ظهر فى سوريا ما يقرب من 30 تنظيما كلها تحمل اسم الإسلام، وتمثل دولة أو جهة أو جهاز مخابرات، ولم تعد تهتم بتقديم نفسها ككيان ثورى بقدر ما تسعى لاحتلال مكانها فى أى حل سياسى أو صفقات نقل وإعادة توطين، فيما يشير إلى أن هذه التنظيمات لم تنشأ على سبيل رفع راية الإسلام، لكنها تختفى خلف الراية لتنفذ خطط جهاز ما، داعش قتلت باسم الدولة الإسلامية، والنصرة وجيش الإسلام، وفتح الشام، وفتح الإسلام وأنصار الشام، وكلها تنويعات على داعش والقاعدة، تعمل بعضها لصالح تركيا أو أمريكا أو بريطانيا أو روسيا أو إيران ولا توجد منها من يعمل لصالح سوريا.
 
فى كتابه «الحرب العالمية الرابعة»، يقول الكونت «دى مارنشيز»، مدير المخابرات الفرنسية من 1969 حتى 1980 أن الحروب الأولى والثانية وحتى الحرب الباردة التى اعتبرها الحرب الثالثة، جرت حسب قواعد المجتمعات الغربية وأنّ الاتحاد السوفيتى وهو فى أوج خصومته مع الغرب الرأسمالى، كان يلعب ضمن خطوط اللعبة، ونمطيّة تفكير قادته تقارب وتسير ضمن نمطية التفكير الغربى، يقول دى مارنشيز «كانت القوانين أوروبية، شمالية، وليست القوانين الجنوبية نفس خطوط العرض على نفس الطول موجة العقل، أى العقل الأوروبى، لكنها ليست نفس خطوط الطول والعرض»، متوقعا نقل الحرب العالمية الرابعة إلى العالم الإسلامى والعربى. 
 
كان تنظيم القاعدة يعمل وقتها ضمن معسكر الغرب وأمريكا، فى مواجهة الغزو السوفيتى لأفغانستان، كان كونت دى مارنشيز يتوقع سيناريو الحرب الرابعة هنا فى منطقتنا المجنونة التى لا تقوم على نفس القواعد السابقة. وإن كان أشار أيضا إلى أن الدور الذى تلعبه التنظيمات التى ترفع لواء الدين والطائفية وقتها لم تكن خرائط التنظيمات الدينية واضحة، كان فقط تنظيم القاعدة حليفا لأمريكا، ولم تكن اتضحت تفاصيل التنويعات لتنظيمات شيعية وسنية سلفية مثلما جرى بعد ذلك، ومع هذا فقد توقع أن تكون هذه التنظيمات جبهات حرب، وأطرافا فاعلة فى الصراع، وهو ما يظهر بعد أكثر من 30 عاما على مذكرات مدير المخابرات الفرنسية السابق، بعد ذلك أنها تنفذ السيناريو المتوقع هو ليس لصالح الإسلام والعرب ولا الشرق الأوسط.
 
وفى كتابه أشار مدير المخابرات الفرنسية إلى اقتراح قدمه إلى الرئيس الأمريكى وقتها رونالد ريجان، حيث اقترح عليه أن تبدأ المخابرات الغربية فى إطلاق حملة فكرية مضادة داخل الجيش السوفيتى، بحيث تصدر كتبا ومطبوعات تحمل الفكر الشيوعى وتتضمن تعديلات بسيطة تنتج إرباكا فكريا داخل الجنود السوفييت ولم يكتمل المشروع، لأن المخابرات الأمريكية بدأت مشروعها فى إعلان حرب استنزاف من خلال المجاهدين والقاعدة، فيما بدا تعديلا فى استراتيجية التحرك الغربى. 
 
لكن فكرة إنتاج تنظيمات يتم توظيفها تحت لافتات دينية إسلامية أو أصولية لتنفيذ أهداف الحرب الباردة بدت أكثر جاذبية للولايات المتحدة. ولعل اكتشاف تنظيم القاعدة أنه تم استخدامه لحسم الجولة الأخيرة من الحرب الباردة، دفع تنظيم القاعدة لمهاجمة المصالح الأمريكية حتى هجمات سبتمبر التى منحت للولايات المتحدة الفرصة لشن حربها على الإرهاب، وانتهى بغزو أفغانستان والعراق، لتبدأ مرحلة أخرى جديدة باستخدام التنظيمات الدينية.
 
ومن تفاعل بقايا القاعدة مع الهاربين من السجون العراقية ظهر تنظيم «داعش» لينضم إلى تنظيمات توالدت بسرعة واستقطبت آلاف المرتزقة من أنحاء العالم، ولم يكن «داعش»، مجرد تنظيم إرهابى، لكنه «نتاج تزاوج أجهزة مع تنظيمات»، جزء من لغز داعش، كشفته اعترافات حمد بن جاسم، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى السابق الذى اعترف فى حديثه لقناة قطرية قبل شهور أن قطر قدمت الدعم للجماعات المسلحة فى سوريا، عبر تركيا، بالتنسيق مع القوات الأمريكية وأطراف أخرى، الاعترافات مع تقارير بريطانية تكشف كيف حظى داعش بفرق تليفزيونية وفضائية تصنع له أفلاما احترافية بجودة عالية، وتبدو أنها من إنتاج منصات إعلامية كبرى. 
 
الصعود المفاجئ لـ«أبوبكر البغدادى» ثم التراجع المفاجئ وما عرضته «بى بى سى» عن صفقة تهريب 4 آلاف داعشى وأسرهم وأسلحتهم، عبر تركيا إلى ليبيا وآسيا، وتقارير عن تنظيمات غيرت أسماءها وما تزال تستوطن سوريا والعراق، عشرات التنظيمات ترفع رايات إسلامية، لكنها إعادة إنتاج للإرهاب المعولم فى الشرق الأوسط، وهو ما تنبأ أو نصح به مدير المخابرات الفرنسية الأسبق. 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة