علا الشافعى

فى حضرة الملك

الثلاثاء، 09 سبتمبر 2008 02:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوم مثل كل الأيام وصباح يحاكى صباحات طالما مللت منها .. أستيقظ بنفس الحركات الآلية، أرتدى ملابسى بنفس الإيقاع .. وأحمل حقيبتى الثقيلة .. والتى لم أعد أشعر بثقلها من كثرة الحمول .. حالة ما بين البين عندما تتساوى الأشياء .. لا أملك شيئاً يجعلنى أتمرد فقد صرت ترساً فى آلة لا أعرف من يديرها ولصالح من .. إلى أن أتانى صوته "ساعات بحب حاجات ميحبهاش غيرى فى الرايحة والجايات بغنى مع طيرى" لحظتها فقط ابتسمت وأطلقت آه عميقة، وقررت أن أجعل يومى مختلفاً.

وحده محمد منير القادر على بعث روحى من جديد، يشعرنى أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وفى ذلك البلد هناك أشياء يجب أن نراها بشكل آخر، وحده منير القادر على أن يجعلنى أحب نفسى ولو قليلاً، وأقول لها "بالظبط الشعر اللى بحبه الطول واللون والحرية"، ومعه أصرخ بصوت عالٍ "دا حب إيه اللى من غير أى حرية".

وفى هذا الصباح لم أفعل شيئاً سوى الاستماع إلى صوته، والذى حملنى إلى حالة من الوجد والنشوى، وتساءلت عن سر الملك وخصوصيته، وتلك الحالة التى يضع فيها محبيه، فهل هو العمل ليلاً ونهاراً .. أم لأنه أخلص لفنه، بدءاً من اختيار الكلمة أو صياغة لحن متميز .. أم لبحثه فى كنوزنا التى بتنا نصر على تجاهلها أم ماذا؟ وجاءتنى الإجابة بعد أن عشت معه تفاصيل إحدى حفلاته، ووجدت أنه قبل الحفل يمسك منير بقلمه ويخط بحروف أسماء الأغانى التى سيقدمها، ويبدأ فى الاستماع إليها مراراً وتكراراً، ويردد مع صوته المتصاعد من السى دى، يصمت لحظة ويسأل من حوله "تمام" .. حالة من القلق والتوتر تنتابه، وكأنها المرة الأولى التى يقف فيها على المسرح .. ثم يهب فجأة متسائلاً "كيف هو المسرح اللى هغنى عليه"، ويقرر الذهاب لرؤيته، ويطمئن على فرقته وجمهوره قبل الحفل بساعتين على الأقل.

وفوق المسرح ومع تصاعد إحساسه بتفاعل الجمهور معه ينتشى ويزداد تألقاً، لم أصدق نفسى عندما جلست على خشبة المسرح أراقبه عن قرب .. منير يغنى للملايين، والجماهير تصفق وتتمايل مع صوته الشجى، وتتحرر الروح وتحلق فى سماه، وهى حالة أشبه إلى الوجد الصوفى يطلب من جمهوره أن يصمت للحظة ويستمع إلى رأيه فى أمور سياسية وحياتية، فيصمت ويرد جمهوره على كلامه بتصفيق حاد، لحظتها قلت لنفسى إنها الكاريزما، ولكن هناك شيئاً أقوى .. إنه الصدق والإخلاص لجمهوره وفنه وتجربته وبلده، إضافةً إلى كل ما سبق، والمفارقة أنه بعد الحفلة يهتم بمعرفة ردود الأفعال، لذلك لم أندهش عندما كان يتوافد نحوه المعجبون والمعجبات من جميع البلدان العربية، مؤكدين على حبهم، والبعض يردد على مسامعى "لابد أن تحافظوا عليه وتفتخروا به، فالعالم العربى به محمد منير واحد"، ولكنى شعرت بقشعريره مباغتة عندما اقترب منه أحد معجبيه قائلاً "أنا مش مصدق نفسى إنى بسلم عليك وكنت ناذراً لما أشوفك لازم أبوس رأسك .. وانحنى بسرعة مقبلاً رأسه"، وقتها دمعت عيون منير.

تلك حالة حقيقية عشتها مع منير فى حفلة بمرسى علم، وياه كم شعرت بحالة من السكون والصفاء فى هذا اليوم، وأعادنى صوت منير إلى الحياة من جديد لأنه ليس الملك فقط بل زعيم الأغنية وحبيب الملايين وله فقط أنحنى، ويكفى أن منير يجعلنى أشعر أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وأنتظر حفله المقبل فى دار الأوبرا لأعيش حالة مماثلة لتتحرر روحى من جديد، وقد أملك شجاعة التمرد لأعود للمريلة الكحلى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة