علا الشافعى

«أستراليا» وفيروس السينما النظيفة

الخميس، 01 يناير 2009 11:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سألتنى صديقتى التى كانت بصحبتى فى العرض الخاص لفيلم »استراليا»، بطولة نيكول كيدمان وهيو جاكمان، تأليف وإخراج بازلو ريمان والذى أقامه الموزع انطوان زند ومن إنتاج فوكس، «هو إحنا ليه ماعندناش أفلام كده»، وقبل أن أسألها «كده إزاى»، قالت لى وكأنها سمعت السؤال : «مشاعر، وناس بتعرف تحب بجد، وتأريخ للأحداث»، واستوقفنى سؤالها بعد أن استغرقنا فى مشاهدة أحداث الفيلم، الذى تدور أحداثه أثناء الحرب العالمية، وضرب اليابان لمناطق أستراليا، كما يرصد الفيلم معاناة السكان الأصليين، الذين كانوا يعانون من التفرقة العنصرية بسبب اللون.

الفيلم تدور أحداثه حول نيكول كيدمان أو «الليدى سارا أشلى»، تلك المرأة التى يتوفى زوجها وتعيش فى إنجلترا، وتضطر للسفر إلى أستراليا، للتصرف فى مزرعة الماشية التى كان يمتلكها قبل وفاته، لكى تتخلص منها، ومع وصولها إلى المزرعة، تجد نيكول كيدمان «أشلى» نفسها محاطة بأخطار ومضايقات كثيرة من المنافسين من تجار المواشي، وهناك تقرر نقل المواشى جميعها إلى مدينة «داروين»، عاصمة المنطقة الشمالية بأستراليا، وتستعين براعى الماشية «هيوجاكمان» الذى يعمل مع زوجها، وتبدأ قصة الحب بينهما خلال الرحلة إلى «داروين»، كما يتناول أيضاً الأسطورة الذاتية، وكيف يجب أن يتحول كل واحد منا إلى حكاية تروى، أو على الأقل يملك القدرة على قص حكايات للآخرين، وذلك من خلال شخصية الطفل الذى تروى الأحداث على لسانه، وينتمى إلى المختلطين -والدته سوداء البشرة ووالده أبيض- ويرفض والده الاعتراف به، لأن المجتمع كان وقتئذ لا يقبل ذلك، ويرسلون هؤلاء الأبناء المختلطين إلى الإرساليات، ورغم ذلك كان يملك قدرات خاصة، أخذها عن جده الزنجى.

رغم أن الفيلم الذى تبلغ مدته 156 دقيقة، به بعض المبالغات الدرامية والتطويل، لكنه من الأعمال الفنية التى تضعك فى حالة مزاجية صافية، نظرا لما يحفل به من مشاعر وقصة حب شديدة الرقة والنعومة، وأداء تمثيلى شديد الخصوصية، وموسيقى تصويرية تستحق أن تغمض عينيك لتسمعها فقط، إضافة إلى الصورة البصرية، التى تحفل بالعديد من التفاصيل، واستطاع من خلالها مدير التصوير عكس الطبيعة الاسترالية فى الأربعينيات من القرن الماضى، وتفوقت أيضاً عناصر الديكور والأزياء فى نقل صورة حية من أستراليا فى ذلك الوقت عندما كانت شديدة الروعة وفى غاية التوحش.

وبعد نهاية العرض قلت لصديقتى «يبدو أننا لا نستطيع تقديم أفلام على مثل هذه الدرجة، وتحديدا فيما يتعلق بالمشاعر والعلاقات الخاصة، لأننا لم نعرف كيف نحب، حتى فى أبسط تفاصيلنا وعلاقتنا بالآخر، أو لأننا أصبحنا نحب، وكل منا يتصيد للآخر أخطاءه، ويترصد به، أو قد يكون بسبب منطق أخلاق الزحمة الذى يحكمنا»، وكل ذلك انعكس على خيال من يكتبون للسينما، والتى أصبحت تفتقر إلى الخيال المبدع الذى لا يخضع لأى قيود، ويكفى أنه عندما نحتاج إلى إحساس حقيقى بالرومانسية، نلجأ إلى مشاهدة فيلم «أبيض وأسود»، بعد أن أصاب السينما المصرية عقم فى صميم الأفلام الرومانسية الرقيقة، وأكيد ذلك يعود إلى فيروس السينما النظيفة، الذى ضرب السينما فى مقتل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة