أكرم القصاص

إعادة "تمويت" المواطن

الإثنين، 02 نوفمبر 2009 12:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مسكين والله هذا الكائن الذى يسمى "المواطن"، ويعيش فى مصر.. ولا تعرف ماهيته، ولا مما يتكون، ومع أنه يُذكر كثيراً فى الدساتير والقوانين والأوراق والمؤتمرات. مرة يسمونه الشعب، وأخرى يطلقون عليه المحدود من باب الدلع. وتتصارع عليه الأحزاب والجماعات والقوى السياسية والتيارات، وتهاجمه وتتهمه بالسلبية، لكنها تلجأ إليه فى الانتخابات، التى تمثل بالنسبة له عيد الفطر.

فى مصر يصعب العثور على المواطن ، أو الإمساك بمواصفاته البيولوجية والفسيولوجية. ومع أن الدول الكبرى والوسطى وبعض الصغرى انتهت إلى أن المواطن الشعب هو الحاكم، والمتحكم وله حقوق يجب احترامها، وعليه واجبات يقوم بها، وبينه وبين الدولة عقد، يلتزم به الحاكم والسياسى. لكن هذا الكائن ـ المواطن ـ عندنا هلامى بلا ملامح، ولا يتذكره أحد إلا لو كانت له عنده حاجة "انتخابية". الحزب الوطنى ينسى هذا المواطن وبعد كل انتخابات، ويتركه فى العشوائيات والميكروباصات المكتظة، والقطارات المتصادمة، والطرقات المزدحمة، والمستشفيات المريضة، وإذا مات ترحم عليه وأوصى له بتعويض ووعد بالتحقيق مع من "موتوه".

لكن بقدرة قادر يصبح هذا المواطن ـ فرخة بكشك ـ عند انعقاد المؤتمرات، مثل المؤتمر الأخير للحزب الوطنى، الذى خصصه الحزب الوطنى للكائن المواطن، تحت اسم "من أجلك أنت"، ولا يعرف المواطن لماذا لم يستخدموا "اسم إشارة"، مثل من أجل "هذا"، أو "ذلك"، أو ضمير مثل "من أجلى أنا".

ومع أن المؤتمر السادس للحزب الثانى انعقد وانفضَّ، لم يتعرف أحد على هذا "الأنت"، مثلما لم يعرف أحد المقصود بالمحدود، وما إذا كان الحزب أطلق عليه هذا الاسم لأنه محدود العمر، أو محدود الصلاحية، بفضل نتائج السياسات والمؤتمرات والمستشفيات والقطارات وجلسات البرلمان، والتعديلات الدستورية، وكثرة أفعال المواطنة التى رفعت نسبة المواطنة لدى الكائن، ونقلته من خانة رد الفعل إلى خانة انتهاء الصلاحية. ولا يختلف تعامل الأحزاب والتيارات مع هذا الكائن المواطن، فتعتبره أهبل وبريالة، طالما لم يصفق لها وهى تلعب الاستغماية.

لقد أصبح المواطن يحتاج إلى إعادة تعريف، أو "تمويت" جديدة بعيداً عن العشوائيات والقطارات والمؤتمرات.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة