علا الشافعى

ميس وكومبارس الحياة وعقدة «عتريس»

الجمعة، 20 فبراير 2009 01:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرا ما تضيق بنا الحياة ونشعر برغبة حقيقية فى الهروب خصوصا عندما تجد نفسك محاصرا بكومبارس الحياة غير المؤهلين والباحثين عن دور، مع الاعتذار الحقيقى لكومبارس السينما وباقى الفنون والذين كثيرا ما أمتعونا بأدوارهم التى يؤدونها بإخلاص شديد لأنهم على الأقل يملكون قناعة بأن هذه هى حدودهم وأقصى ما يطمحون إليه أن يجسدوا لقطة أو مشهدا أو يلقوا جملة حوارية تلفت النظر إليهم.

فى حين أن كومبارس الحياة دائما ماتجدهم مصممين على تجسيد مشهد واحد مع اختلاف طريقة ونوعية الأداء، وهو المشهد الذى جسده الفنان المخرج أحمد توفيق فى فيلم «شىء من الخوف» عندما أراد محاكاة »«عتريس» الذى جسده محمود مرسى وظل طوال الوقت متخيلا نفسه فى دور «عتريس» فهو لا يقل عنه بحال من الأحوال من وجهة نظره فقط.. فهو يرى نفسه رجلا ملو هدومه ولكنه نسى شيئا واحدا وهو أن ليس كل رجل يصلح لأن يكون عتريسا لذلك انتهى به الحال إلى سخرية كل من حوله منه وذهب عقله وبات لا يردد سوى جملة واحدة «والنبى أنا عتريس.. والنبى أنا شرانى.. أنتوا مش بتخافوا ليه».

هذا الدرس علمتنى إياه «ميس» تلك الفتاة العراقية الشديدة التميز والدارسة للسينما، والتى التقيتها فى دمشق عندما سافرت إلى تلك المدينة التى تعلمك كيف تحب نفسك وتحب الحياة، كما أنها لا تعطى سرها سوى للأشخاص الحقيقيين وتستأنس بأصدقاء يدعمونك، حيث سافرت إلى هناك لالتقاط النفس ولو قليلا من هؤلاء الكومبارس الباحثين عن دور طوال الوقت والذين نضيق من حصارهم لأنهم يملكون فقط القدرة على سحب الأكسجين من حولك ولا هم لهم سوى شدك إلى معارك جانبية تافهة لسحب طاقتك وقدرتك على الإنجاز، لأنهم لا يملكون سوى تلك الموهبة «تكسير الآخرين»، ولا يملكون أى موهبة لذا يحاولون النيل من الآخرين ويعدون ذلك انتصاراً. ميس التى أخذتنى إلى معان أكبر فى الحياة وبشر حقيقيين لا هم لهم سوى استعادة أنفسهم ووطن سلب من بين أيديهم فى يوم وليلة.. حدثتنى عن معنى أن تصبح بلا بيت ولا أهل أو حتى ذكريات، أوراقها الصغيرة التى فقدتها، كتابها، أفلامها، وكل ماتحب، روت لى عن رائحة دجلة وجلستها مع صديقتها على شاطئ النهر يوميا.. وقمر بغداد وأصدقائها الذين تشتتوا فى أنحاء العالم ورفيقتها التى لا تستطيع أن ترى حبيبها لأنها لا تستطيع السفر إليه وهو لا يستطيع الذهاب إليها فقط لأنهم يحملون جواز سفر عراقى، وفتيات عراقيات كن يعملن طبيبات أسنان وبعضهن حاصلات على دكتوراه فى تخصصات نادرة وصرن راقصات فى ملاه ليلية لأنهن لا يجدن لقمة العيش.

وحدثتنى عن حلمها بعمل فيلم روائى طويل عن العراق التى لا يعرفها أحد، والتى تختلف كثيرا عن عراق نشرات الأخبار، وعلمتنى ميس فى حواراتنا الطويلة التى جمعتنا تحت مطر دمشق أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وهو أن تقاوم، حيث إن الإنسان خلق للمقاومة، دون أن ينظر للأشباه والأنصاف.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة