أكرم القصاص

قانون الكوسة؟

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010 11:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فرضت الطماطم نفسها على كل الأصعدة مع أنها لم تكن وحدها المجنونة، كيف نسى المصريون الكوسة وهى طعام ورمز من رموز الصعود الطبقى والمالى والوظيفى.

الكوسة ليست مجرد نوع من الخضروات لكنها رمز لمراحل كثيرة، فهى رمز لبعض ممن يدخلون كليات الشرطة، وأحيانا النيابة العامة ومن يتولون مناصب فى الحكومة والتليفزيون والبنوك، وأصبح توارث الوظائف فى الجامعات والقضاء قاعدة وليس استثناء، كما شهدت مصر، وماتزال تكرار أسماء الأبناء والآباء فى نفس المهنة، ولايصبح من المدهش اكتشاف ما قيل إنه عصابات الاتجار فى وظائف وزارة العدل، وإنهم حصلوا على أكثر من ثلاثين مليون جنيه، وهؤلاء رؤوس وليسوا أصولا، فهناك اتجار فى كل أنواع الوظائف بدون استثناء.

الكوسة حولت الاستثناء إلى قاعدة، والعرف إلى قانون، ولم يعد أحد يعترض عندما يرى ابن المستشار مستشارا، وابن أستاذ الجامعة أستاذا، وابن مدير البنك بنكيرا، وفى الصحافة والإعلام إلى مجلس الشعب لايخلو من الكوسة.

الكوسة كانت تسمى القرع فى كثير من الأرياف، ولايقصد بها القرع العسلى الذى يصلح لأن يكون رمزا لمرحلة، ولهذا كان القصد من مثل «زى القرع يمد لبره»، والمقصود الكوسة التى تتمدد إلى خارج مكانها فى الحقل.

ولا توجد أصول للكوسة كرمز للواسطة فى التاريخ الفرعونى، لكن بعض الباحثين قالوا إن المصريين استخدموا كلمة الكوسة كدليل على المحسوبية والواسطة منذ العهد الفاطمى، عندما كانت تغلق أبواب القاهرة بعد العشاء، ولأن الكوسة كانت تجمع فى وقت متأخر ولا تصمد إلى الصباح، كان التجار يقفون على الأبواب ويقولون للحراس «كوسة كوسة» فتفتح لهم الأبواب خصيصا، دون غيرهم، وهناك من يرجعها إلى عصر المماليك عندما كان الفلاحون يخرجون مبكرا لحجز مكان فى السوق، وينتظرون فى طابور حتى يتم تحصيل الرسوم، وفى الصيف يتم استثناء تجار الكوسة لأنها تفسد من الحرارة، وعندما يتجاوز أحد الصف ويدخل دون انتظار.. يحتج الآخرون، فيرفع يده ويقول «كوسة»، ومن يومها اعتاد المصريون أن يقولوا «كوسة» على كل من يتجاوز القواعد والقوانين.

وهناك بيت شعر منسوب للشاعر العظيم بيرم التونسى عندما انتشرت الواسطة فى عصره (يا بلدنا فيكى حاجة محيرانى/ نزرع القمح فى سنين يطلع القرع فى ثوانى).

الكوسة رمز يحمل قدرا من التسلط غير القانونى، والهيبة الزائفة، وبالتالى لم يهتم أحد أن يرشتفع سعرها، مثلما لم يعد مثيرا أن تصبح الواسطة والمحسوبية قانونا يحكم الجميع.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة