سعيد الشحات

جرائم فى حضن المجتمع

الأربعاء، 07 يوليو 2010 11:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"توقف قائد الأتوبيس فجأة، وأطلق أعيرة نارية على ركاب الأتوبيس من سلاح كان بحوزته"، هكذا فعل السائق محمود طه أحمد سويلم العامل فى شركة المقاولون العرب، وكانت الحصيلة حتى ظهر أمس وفاة 8 من العاملين فى الشركة كانوا فى طريقهم إلى عملهم.

السائق برر جريمته بأنه كان على خلاف مع ثلاثة من العاملين ممن أطلق عليهم الرصاص، أما تحريات الشرطة المبدئية، فقالت إن المتهم كان يعمل منذ 25 عاما فى إدارة المبانى العامة، وصدر قرار مؤخرا بنقله إلى فرع الشركة بـ" طموة" مما أصابه بحالة اكتئاب حادة نتج عنها ما حدث.

وبين تبرير السائق، وتحريات الشرطة، تبدو الجريمة كلها غريبة وغير مسبوقة _ على ما أذكر _ فى مصر، ربما يكون هناك حوادث ثأر حصدت أرواحا أكثر، لكن أن يقود سائق سيارة وبحوزته سلاحا ناريا، وفجأة يمطر الركاب بالرصاص فهذا يعنى أنه خطط لجريمته بإرادته وحمل لها السلاح بكل راحة، والغريب أنه يعمل فى الشركة منذ 25 عاما، وطول هذه الفترة يكفى لمعرفة سلوك الرجل، وما إذا كان هذا السلوك يقود إلى هذه الجريمة أم لا؟

ما حدث يمكن قراءته على أكثر من وجه، لكن الوجه الأكبر فيه هو أننا أمام جريمة تدل على أننا أمام عنف غير مسبوق فى المجتمع المصرى، تتجلى صوره فى حوادث غريبة مثل الأم التى قتلت طفلها منذ أيام، وجرائم القتل بين الأشقاء والأقارب بسبب الميراث وأشياء أخرى، وجرائم الثأر التى يقدم عليها البعض علنا مثل ما حدث فى العمرانية منذ أقل من شهرين.

قد يرى البعض أنها جرائم تعكس سلوكا فرديا منفلتا، وأنه من المبالغة قراءتها على نحو أنها انعكاس لأوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية مأزومة، لكن الحقيقة أنها انعكاس لكل ذلك، فالمجتمعات التى تشهد تطورا سياسيا وتقدما حضاريا تقل فيها جرائم العنف، والمجتمعات التى يضمن فيها المواطن أنه سيحصل على حقه الطبيعى فى حال تضرره من وضع له حق فيه، لن نجد من يحتكم فيها إلى العنف والبلطجة للحصول على حقه.

العنف الفردى نقول عنه إنه فرديا لو كان بسيط الكوارث، قليل العدد، أما وأننا نقرأ كل يوم على صفحات الحوادث جرائم قتل بدائية فى وحشيتها ـ وتؤكد على ضيق أفق الحوار بين فئات المجتمع فهذا يعنى أننا أمام كارثة، تعالجها أوضاع سياسية صحيحة، وليس فى هذا مبالغة، فالسياسة فى معناها الواسع هى كيف يحصل الفرد على حقوقه بيسر وسلامة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة