سعيد الشحات

قسوة إبراهيم باشا (6)

الجمعة، 24 سبتمبر 2010 12:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأ فى الأيام الماضية الحديث عن شخصية إبراهيم باشا الابن الأكبر لمحمد على والى مصر حاكم مصر منذ عام 1805 وحتى عام 1484، وذلك من خلال مذكرات نوبار باشا الصادرة عن دار الشروق، وتحدثت عن الصراع الذى بدأ واشتد بين الأب والابن على حكم مصر، وتناولت أمس رحلة إبراهيم إلى الباب العالى فى الآستانة للحصول على لقب والى مصر فى ظل وجود أبيه، وتوقفت عند ثلاثة مواقف وقعت أثناء هذه الرحلة تكشف قسوة إبراهيم وشكه الدائم فى أن والده يطارده أينما كان، فما هى هذه المواقف؟

كان الموقف الأول مع قبطان اليخت الذى حمل ابنيه، والذى أمر إبراهيم قبطانه أن يقف فى عرض البحر بين جزيرة رودس والإسكندرية دون الرسو، فى أى ميناء أياً كانت الأسباب، لكن حين وصل إبراهيم إلى رودس فوجئ بأن أول سفينة رآها كانت هى اليخت، فقبض على القبطان الذى حاول التأسف لعصيان أوامره، معللا ذلك بأنه أذعن لضغوط الأمراء الصغار، لكن إبراهيم أمر بتقييده على ظهر مدفع وتلقى 300 جلدة، أما الموقف الثانى فكان مع مملوك تأخر فى تقديم طاقم أسنان إبراهيم الصناعية، فتم تقييده أيضا على ظهر مدفع وتلقى نفس المعاملة الوحشية التى تلقاها قبطان اليخت، والتى أدت إلى فقد المملوك لوعيه طويلا فكف عن الصياح، ويقول نوبار إنه ذهب إلى إبراهيم ليرجوه العفو عن المملوك، فرد: "اذهب.. اذهب"، وظل المملوك بين الحياة والموت ثمانية أيام.

الموقف الثالث جاء بعد إصابة إبراهيم بحالة تقيؤ الدم من فمه، فتم استدعاء طبيب مخضرم من رودس للكشف عليه، فنصح الطبيب بالذهاب إلى موقع لعيون مياه كبريتية على شواطئ ساحل الكارامان، لكن الطبيب قال إنه لا يعرف المكان بالضبط، وقرر نوبار القيام بمهمة البحث عن هذه العيون، فأعطى الأوامر لقبطان السفينة بتجهيز القوارب اللازمة، ووجد إبراهيم أن القبطان أخذ كثيراً من الوقت، فقال لنوبار اذهب لتستفسر عن السبب، ولما ذهب نوبار إلى القبطان شاهين ليسأله، رد القبطان: "بحق السماء إنكم ذاهبون إلى عرض البحر، وستمكثون للوصول إلى هدفكم من ثلاثين إلى أربعين ساعة وربما أكثر، من يدرى؟ أليس من المفروض أن أعد للجميع المؤن اللازمة للرحلة وإطعام البحارة؟

حمل نوبار رد القبطان شاهين إلى إبراهيم الذى رد بدوره قائلا: "ليس هذا ما فى الأمر.. إن شاهين مملوك أبى، إنه يريد موتى.. اسمع ولا تنس هذه الكلمات: "عندما تسمع شخصا يتحدث إليك أو يحاول اتخاذ تصرف ما معك توقع منه سوء النية فى كلامه وتصرفاته.. هكذا تتحاشى الوقوع فى الخطأ وتكون على صواب"، وعليه أمر بإلغاء تجهيزات السفر.

كان كل ما يشغل بال إبراهيم فى هذه الرحلة هو حصوله على الهدف الذى سافر من أجله وهو منح الباب العالى له ولاية مصر، ويتحدث نوبار عن أن القلق أصاب إبراهيم بسبب أخبار وصلته عن تردد الباب العالى فى منحه الولاية فى حياة أبيه، وأن المطروح هو منحه منصب الحاكم العام فى مصر دون ولاية، وهو ما رفضه إبراهيم، ويشير نوبار إلى أنه بينما كان إبراهيم يرفض هذا العرض، كان الأتراك ينظرون إليه بوصفه متمرداً سابقاً خارجاً على القانون ورجلاً طموحاً وخطيراً يمكنه أن يخلق المشكلات مجددا لتركيا.

أمام غموض الموقف الذى توزع بين ما يسعى إليه إبراهيم، وبين ما تفكر فيه الأستانة "تركيا"، وقعت دراما من نوع آخر هدت إلى الحل، فماذا عن هذه الدراما؟

يقول نوبار باشا إن عراف قصر الباب العالى جاء ليخرج الجميع من هذا المأزق وهذه الحيرة لحسن الحظ، وليعلن أنه بعد استشارة الكواكب كان الرد أن إبراهيم سيموت قبل مرور ستة أشهر، وكانت هذه النبوءة تتفق مع ما أعلنه أيضا طبيب القصر النمساوى المكلف برعاية إبراهيم، فبعد أن قام بفحصه تبين له أن إبراهيم يتقيأ الدم من فمه نتيجة إصابة خطيرة فى الرئة، وتقرر على إثر ذلك منح إبراهيم الولاية وفقا لبنود فرمان 1841.

صدر قرار الولاية لإبراهيم فى 13 يونيه 1848، وترك القسطنطينية صباح اليوم التالى بعد حضور الوزراء وكبار رجال الدولة إليه، والذى ودعهم قائلا: "أترون هذه الأعمدة؟ لقد أصبحت أطلالا، بينما أنا وأبى زرعنا فى مصر عشرة ملايين شجرة.. أنتم على العكس خربتم ما حباه الله لكم؟
عاد إبراهيم إلى مصر، فهل استطاع حكم مصر؟










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة