حنان شومان

النجومية صارت كلمة رخيصة فى رمضان

الخميس، 09 سبتمبر 2010 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رمضان رزق وفير للعباد فهو شهر رحمة ومغفرة تمتد فيه الموائد التى أطلقوا عليها موائد الرحمن، وتطول لياليه بالسهر سواء للباحثين عن حسنات أو لآخرين على شاكلتى من صحفيين باحثين عن رزق فى الكلمات والموضوعات، فالجهاز السحرى الذى يعمل على مدار اليوم يحمل من الأعمال ما يمد الصحافة والنقاد بالعمل على مدار الشهر الفضيل ولأسابيع تليه.

فى الأسبوع الماضى كتبت قائلة: لو أن العمر امتد بى فسأكمل الحديث عن تسونامى رمضان الدرامى الذى يحيط بنا فلا نجد له من فكاك ليلا أو نهارا، ودراما رمضان هذا العام تحمل كثيراً مما يعترى المجتمع المصرى قبل شهور من معركة الانتخابات البرلمانية، المجتمع المصرى تجتاحه ظواهر عديدة أغلبها فج مخيف ومتناقض مهما حاولنا دراسته أظن أن نسبة قدرتنا على تحليله ستظل متدنية، ونظرة على الدراما الرمضانية كفيلة بأن تعكس حال مجتمع فى حالة لخبطة.

الحارة
ما بين القصور والفيلات وحمامات السباحة الموجودة فى ديكورات أغلب المسلسلات ستجد أيضاً مسلسلات تحمل بصمات الفقر بصورة غير مسبوقة فى الدراما المصرية.
فعلى مدى عقود كانت الحارة المصرية التى صورتها الدراما حارة نموذجية جميلة تحمل كثيراً من القيم التى كنا نقول عنها إنها أصيلة فى الشعب المصرى مثل الشهامة والجدعنة والصدق والتآلف.. صفات كثيرة جميلة كانت تريح المشاهد ولو مؤقتاً، ومثال ذلك مسلسل «الشهد والدموع» و«ليالى الحلمية» وعشرات من أعمال الراحل أسامة أنور عكاشة، وغيره من الكتاب مثل مجدى صابر، وكرم النجار، وآخرين، مسلسلاتهم كانت تحمل نماذج تضع المشاهد فى حالة طمأنينة على مجتمعه، ولكن يأتى رمضان هذا العام ليقدم لنا مسلسل «الحارة» الذى كتبه أحمد عبدالله وأخرجه سامح عبدالعزيز القادمان من عالم السينما إلى عالم التليفزيون بأبجديات جديدة على المشاهد المنزلى، الحارة تبدأ بمشاهد فى التتر تسجيلية لشوارع وحوارى القاهرة التى ليست منورة بأهلها بل أقرب ما تكون إلى الكآبة، وما أن ينتهى التتر وتبدأ الأحداث يدخل المشاهد إلى عالم شديد الواقعية لتفاصيل حياة المصريين ساكنى الحوارى والأزقة. تفاصيل الحارة كلها واقعية من شباب ضائع بين المخدرات والفقر، إلى شيوخ هدهم المرض وأحلام الستر التى لا تأتى لبنات إما فاتهن قطار الزواج أو حتى تزوجن ولكنهن فى معاناة.. لا شىء فى الحارة التليفزيوينة كاذب، ولكن لا شىء أيضاً يبعث على الأمل، وهو اتجاه -كما سبق أن أشرت- مخالف تماماً لشكل الحارة التليفزيونية التى عرفناها عقوداً ويبدو أنها بعد هذا المسلسل لن تعود.. العشوائية وظلام القاهرة ملامح نراها حين نتحرك بين شوارع العاصمة، وبدأت السينما قريباً فى اقتحامها، ولكنها كانت غائبة عن التليفزيون، ولكن يبدو أن سامح عبدالعزيز وأحمد عبدالله سيكون لهما السبق فى أن ينقلوها إلى داخل حجرات نمومنا سواء كانت فى فيلات أو شوارع أو حتى حارات، فهل عشاق الدراما التليفزيوينة التى تحمل فى العادة كثيرا من المسكنات والراحة وقليلا من المشكلات لن تعود حياتهم كما كانت بعد مسلسل الحارة؟! هل سيكون مسلسل الحارة بداية لاقتحام العشوائيات ومشاكلها البيوت الآمنة بعد أن اقتحمت عالم السينما؟

ملحوظة
أعرف سيدة راقية أقنعتها بأن تشاهد فيلم «حين ميسرة» منذ عام ونيف وظلت تدعو علىّ لأنى أرّقت حياتها بمشاهدتها هذا الفيلم، وحين سألتها بعد أيام من رمضان عن رأيها فى المسلسلات وبالتحديد «الحارة» قالت لى لم يعد لى من مهرب فهذه الأفلام من الممكن أن أخاصمها فى دور العرض ولكنها الآن اقتحمت علىّ غرفة نومى، ما الذى يمكن أن يحدث بعد ذلك؟ لم أجد لها إجابة إلا أن أقول: احذرى الواقع لأنه أقسى.

نجمات باهتات
يسرا وليلى علوى وإلهام شاهين نجمات سينما اقتحمن الدراما التليفزيونية الرمضانية منذ سنوات وصار لهن رمضان موعداً مع الجمهور ومع ملايين يقال إنهن يتقاضينها فى مقابل بطولاتهن للمسلسلات، وكانت مسلسلاتهن تحظى بالقدر الأكبر، إما من النقد أو المديح ورغم أن هذا العام مسلسلات النجمات الثلاث تحمل ملامح جودة فنية فإنها لم تحظ بالقدر الأكبر من الاهتمام سواء بالنقد أو حتى المشاهدة، فبدا الأمر لى كأن النجمات الثلاث صار وجودهن باهتاً إلى جوار مسلسلات أخرى حظيت بالاهتمام، ليس شرطاً لأنها تحمل ملامح أفضل، لكنه من باب أن الجمهور المصرى قد مل الثوابت، فبات يبحث عن التغيير بأى صورة وإن عجز الشعب عن تغيير حياته فما أسهل أن يغير نجومه، فالديمقراطية محققة بشكل كامل فى الفن وغائبة فى كل النواحى الأخرى، فهل أثر غياب الديمقراطية واختيار الشعب حكامه على نجوم الفن؟ سؤال طرحته دراما رمضان ولا أستطيع أن أجزم بالإجابة عنه.

قصة حب
فى لحظات الطوفان كالتسونامى الرمضانى يصعب أن نلتقط أنفاسنا لنشرب كوبا من الينسون أو النعناع الأخضر، ولهذا فإن مسلسل «قصة حب» الذى كتبه مدحت العدل وأخرجته إيمان حداد فى أول أعمالها يعد مثل شراب النعناع الأخضر فى هذا الطوفان، مسلسل شديد الرقى موضوعه شديد التعقيد يتحدث عن التعليم والتطرف والحب وكثير من ظواهر حياتنا بإيقاع درامى سريع وتفاصيل شديدة الحيوية وأداء تمثيلى رائع من جمال سليمان وبسمة وخالد سرحان وانتصار وأمير كرارة، ولكنه للأسف تاه فى الزحام وكم من أشياء جميلة فى الحياة -كما فى الدراما- تتوه فى الزحام، ولكنى أتمنى أن يجد هذا المسلسل عيوناً مشاهدة وآذاناً صاغية بعد هدوء العاصفة حين يزيد الأمر على حده لينقلب إلى ضده. حملت تترات مسلسلات هذا العام أكثر من أى أعوام سابقة كلمة نجم حتى تحولت النجومية على يد صناع الدراما إلى كلمة كرهها الجمهور، فمحمد عادل إمام فى مسلسل بالشمع الأحمر صار نجماً وكل اسم لأى ممثل عابر صار يسبقه النجم حتى فقدت التسمية معناها، ارحمونا من الألقاب لأنها صارت ممجوجة تؤدى إلى غيظ الجمهور أكثر مما تبحث عن احترام من يسبق اسمه لقب النجم، وصارت تترات المسلسلات لا تبعث على الضجر والضيق فقط من كلمة نجم ولكن من فريق العمل المصاحب له أيضاً من مسؤول عن ملابس أو حمل حقيبة أو تصفيف شعر.. حاجة تزهق.

سؤال أخير
قبل أسابيع من بداية رمضان ظهر محمد فؤاد فى أكثر من حديث صحفى يصرح بأنه بمسلسله «أغلى من حياتى» سيقلب مقاييس الدراما التليفزيونية، وأن مسلسله سيكون فتحا عظيما غير مسبوق.. وانتظرت الفتح غير المسبوق فلم أجد إلا أن أقول له: يا عم محمد عليك أن تتعلم فضيلة أن السكوت من ذهب حين تحاول إقناعى بأنك أغلى من حياتى.

ملحوظة أخيرة
إن كان لديك بعض الوقت أعد قراءة المقدمة التى سطرتها، لعلك تعرف مما قرأت بعضا من ظواهر مجتمع تخط ملامحه الدراما التليفزيونية.. ويجعله عامر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة