واحات خالد عودة

من جديد أتحدث عما كتبته من قبل فى هذه المساحة، عن وجود نهر مائى جديد يعتمد على المياه الجوفية المتجددة، والمناسبة إعلان عالم الجيولوجيا الفذ الدكتور خالد عودة عن هذا الاكتشاف فى مؤتمر صحفى أمس الأول.

وللتذكير، وقبل ثورة 25 يناير بشهور، أطلق الدكتور خالد عودة تحذيره من تعرض نحو 33 % من مساحة دلتا مصر للغرق، وقدم وقتها «أطلس» مزودًا بالصور عن الأماكن المرشحة للغرق، وتلقت وقتها الجهات المعنية فى الدولة من جامعة أسيوط التى يعمل فيها خالد عودة ما توصل إليه العالم الجليل، وكالعادة تم وضعه فى الأدراج، وذهب تحذيره فى البرية، فلم يكن أحد من النظام السابق يشغله هم المستقبل.

يقدم الآن الدكتور خالد عودة، وبالتفصيل وعبر خرائط دقيقة، اكتشافه الجديد الذى يشمل وجود واحات جديدة فى الصحراء الغربية، تؤدى إلى زرع 3 ملايين فدان اعتمادًا على خزان جوفى رئيسى فى الصحراء الغربية، وقال العالم الكبير إنه تم التقاط صور هذه الواحات فى رحلة شديدة الصعوبة، بالتنسيق مع وزارة الزراعة ومعهد بحوث الصحراء، ومزودة بأحدث الوسائل العلمية المعتمدة على الأقمار الصناعية والملاحظة المباشرة.

ويؤدى الاكتشاف الجديد إلى خلق مجتمع زراعى جديد، كما أنه بمثابة بديل عملى لما يقال عن تعرض دلتا مصر للغرق مستقبلاً، على أثر التغيرات المناخية العالمية والتى تهدد «دلتات» العالم للاختفاء.

وحتى لا يشعر الدكتور خالد عودة بأنه ينحت فى الصخر لابد أن ينتقل اكتشافه من الكلام النظرى إلى الواقع العملى، الذى يبشر بثروة مياه كبيرة مدفونة تحت الأرض، ترفع مصر إلى مصاف الدول الغنية، وبالطبع ربما يتعرض هذا الاكتشاف إلى التشكيك من البعض، لكن الحقيقة أننا أمام اجتهاد عالم نابغ فى تخصصه، وليس من أصحاب الفرقعات الإعلامية التى يتفنن فيها البعض للشهرة، وأعلم أن هذا الاكتشاف تم رفعه منذ فترة إلى رئيس الوزراء، وكان هناك ترتيب للإعلان عنه رسميّا، لكن فيما يبدو فإن انشغال الحكومة بقضايا أخرى صرفها عن ذلك، وأخيرًا أصبح الاكتشاف بين يدى كل المصريين، ولنحترس من إخضاعه لتقلبات السياسة والسياسيين، وذلك بجعله مشروعًا قوميّا يعطينا الأمل فى غد جديد، غد يتولد من روح ثورة 25 يناير التى نشعر جميعًا الآن بأنها بلا مشروع قومى يوحد المصريين، كما فعل السد العالى فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى.