المرشح الحقيقى للرئاسة

كلما سمعت تصريحًا من سياسى بأن المرشحين للرئاسة الحاليين لا ينفعون، وأن المرشح الحقيقى لم يظهر بعد، أشعر بأن هذا الكلام يحمل مغالطات كبيرة، وأنه يعبر عن أهواء شخصية أكثر مما يعبر عن رؤى سياسية موضوعية، اللهم إلا إذا كان من يردد هذا الكلام يعلم ما لا نعلمه بأن هناك مرشحًا سريّا سيظهر فى الوقت المناسب، وسيحظى بثقة المصريين.

ورغم أى خلافات حول أسماء المرشحين المطروحين حاليًا فإن النظرة الموضوعية لبعضهم تؤكد أننا أمام أصحاب تجارب سياسية تقود أصحابها إلى التأهل للترشيح لهذا المنصب، على أن تكون للجماهير كلمة الفصل فيما بعد، أما أن يصدر البعض رأيًا بأن كل المرشحين المطروحين الآن لا يصلحون، فهذا يعنى ضرورة البحث عن مرشح بالتفصيل، وهذا فى اعتقادى لن يأتى أبدًا؛ لأنه لا يوجد مرشح سواء فى مصر أو غير مصر يحظى بالإجماع التام.

الديمقراطية الصحيحة تقوم على طرح المرشحين لبرامجهم الانتخابية، وعلى أساسها يختار الناخبون، وإذا كان المرشحون الحاليون للرئاسة لم يطرحوا برامجهم بعد فمن الأصوب القول بأننا فى انتظار هذه البرامج، حتى نحكم من خلالها على ما إذا كانت هذه البرامج صالحة لإنقاذ مصر أم لا، وبعدها يأتى الحكم على أصحابها فى مسألة القدرة على تنفيذها من عدمه، والمعيار فى ذلك هو المعرفة المسبقة بالتاريخ السياسى للمرشحين، وتجاربهم فى الارتباط بالجماهير والدفاع عن قضاياها.

ودون تحديد أسماء بعينها من المرشحين الحاليين أرى أن وجهة النظر التى تقلل من شأنهم يبدو تأثرها بالمرحلة الماضية التى شوهت كل شىء، بما فى ذلك رموز فى المعارضة عارضت بشرف، وقدمت أطروحات سابقة للنهوض بمصر، ودفعت ثمن ذلك من حريتها، كما يبدو ميل هذه الرؤية أيضًا بقصد أو دون قصد إلى ما يراه البعض بأن مصر قد عقمت، ولم تعد قادرة على ولادة من يحكمها.

ويقودنا ما سبق إلى القول بأن حديث النخب السياسية والفكرية ليس صحيحًا على الدوام، فمعظمهم لم يكن يتوقع ثورة 25 يناير، وهو ما يستدعى التأكيد على أنه لم يعد بمقدور أحد أن ينصب نفسه متحدثًا باسم عموم المصريين، وإقناعهم بأن المرشح الحقيقى لم يظهر بعد، فلا أحد يدرى ماذا تخبئ الجماهير من مفاجآت فى هذا الأمر.