إبراهيم عبد المجيد

فقع المرارة

الجمعة، 07 ديسمبر 2012 04:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاجأنا الرئيس بإعلانه الدستورى، وبعده فاجأتنا اللجنة التأسيسية للدستور بالتصويت على مواد الدستور فى يوم وليلة، واحتقنت البلاد فخرجت قوى الثورة تعلن رفضها وأخرج الإخوان والسلفيون عشائرهم بالمال وكروت الشحن ووجبات التوحيد والنور، واحتدمت الفضائيات بالنقاش والحوار بين ممثلى تيارات الثورة وممثلى الإخوان والسلفيين.
تابعت كثيرا من هذه الحوارات فى الفضائيات فقط لأرى كيف يدافع الإخوان والسلفيون عن أفعالهم وأفعال رئيسهم. دار دفاعهم عنها كله مع اختلاف حدته مرتكزا على مقولات تفقع المرارة. منها مثلا أن الدستور لا يمكن أن يرضى كل الناس وأن يُرضى سبعون أو ثمانين فى المائة يبقى كويس، وأن الكمال لله وحده والمهم أن المركب تمشى. وأن المحكمة الدستورية تعجلت فى حل مجلس الشعب بينما قضايا أخرى تنتظر سنوات حتى تحكم فيها. وأن القضاة باحتجاجهم على ما فعله الرئيس بيشتغلوا كده فى السياسة وليس هذا من عملهم بينما لم يرتفع لهم صوت أيام مبارك، وأن الشارع كله مع القرارات، وأن الاستفتاء هيثبت الشعب مع مين وأن حسنى مبارك عمل أكتر من كده وماحدش اتكلم وكذلك عبدالناصر والسادات. وأنهم عملوا مليونية أظهرت أن الشعب كله مع مرسى، وأن المنسحبين من اللجنة التأسيسية وافقوا على أهم موادها ووقعوا على الاتفاق.
المدهش أنهم كلهم قالوا ذلك على اختلاف مواقعهم وثقافاتهم. هؤلاء الذين يدافعون عن الرئيس وعن اللجنة التأسيسية. ويمكن جدا أن تستمع إلى ذلك من واحد أو اثنين لكن ليس من العشرات منهم فذلك رغم أنه يفقع المرارة فعلا فإنه أيضا يشى بإفلاس فكرى وتلقين فى الدروس لا يستطيعون الخروج عنه، وكل ما قالوه يمكن الرد عليه بسهولة شديدة جدا. فمثلا الكمال لله وحده صحيح لكن هذا ليس مبررا للنقصان فى البشر وعندما يكون النقصان مقصودا فهذه مصيبة. والدستور لا يوضع لتظل الأوضاع كما هى على الأرض لكن لتتطور البلاد والذين يضعون الدستور لابد أن يسبقوا الحالة الثقافية والاجتماعية التى عليها الشعب فيقررون له حقوقا قد يغفل عنها تحت وطأة الحياة. وعندما يأتى دستور بعد ثورة عظيمة على الاستبداد والتفرقة والتمييز بين البشر لابد أن يصل إلى مستوى هذه الثورة ولا يتراجع عنها ولابد لاختيار من يضعه أن يكون على نفس المستوى الثقافى للثورة وليس بياع فراخ للسمع والطاعة والتصويت بنعم. وهكذا يصل الدستور إلى رضاء الشعب كله وليس سبعين ولا ثمانين فى المائة منه. وكون المحكمة الدستورية تعجلت فى موعد حكمها على مجلس الشعب، فلم يكن ذلك إلا لوجود المجلس العسكرى حاكما للبلاد وهو المجلس الذى كان يلعب مع الإخوان ليحصل منهم على ما يريد ولقد حصل فى الوقت الذى كان شباب الثورة ينادى بإسقاط حكم العسكر وإعلانه الدستورى المكمل. والأهم من ذلك هل الحكم صحيح أم خطأ، وهو طبعا صحيح والخطأ معروف من البداية ويعرفه الإخوان قبل غيرهم، لكنهم كانوا يثقون فى المجلس العسكرى ويقدمون له التنازلات وأولها وأبشعها إطلاق يده فى قتل المتظاهرين بل ووصفهم بالبلطجية نيابة عنه، أما حكاية المركب تمشى فأى أحمق يعرف أن المركب تمشى عندما يكون الربان ماهرا فى الملاحة أما وكل يوم يضع تحتها العراقيل فطبعا هتقف وتغرق كمان. ويا ريت حد يقول لنا الوزارة عملت إيه غير إنها بدأت تشحت وتعترض على أى حكم بعودة بعض الشركات التى بيعيت أيام مبارك. وكون القضاء يشتغل فى السياسة وليس هذا عمله. طيب ماذا يفعل القضاء بعد أن أوقف؟ الإعلان الدستورى جعل القضاء مش لاقى شغل وحصر عمله فيما يخص الناس العادية فقط وليس العدل، ومن ثم صار الرئيس ورجاله لا قبل للقضاء بهم، ورجاله طبعا هم اللجنة التأسيسية ومجلس الشورى. هل عندما يدافع القضاة عن استقلالهم يعملون بالسياسة. هل تحدد السلطة للقضاء فيما يحكم وفيما لايحكم، هل القضاء نقاوة مثلا؟ أما كون الشارع كله مع القرارات فنحن رأينا الشارع. مليونيات الثورة وراءها نجاح باهر وضمير، وما يسمى بمليونيات الإخوان والسلفيين مدفوعة الأجر.أما أن الاستفتاء سيحكم الشعب مع مين، فالاستفتاء نفسه عملية يشوبها الخطأ الكبير لأنه لابد أن تكون له أسس أولها ألا يكون صحيحا إلا إذا حضر نصف الكتلة التصويتية، لو كان القانون صارما فى ذلك كنا سنرى من يذهب، لكن الاستفتاء للأسف يمكن أن يتم بأى عدد، يعنى لو راح عشرة ووافق ستة فالشارع مع القرارات، رغم أن الشعب تسعين مليونا. وهذا فكر استبدادى من طراز رفيع وقديم. لقد سمعت أحد قضاة مجلس الدولة يقول إن الاستفتاء الصحيح هو الذى تحصره نصف الكتلة التصويتية ثم اتضح لى أن هذا ليس فى القانون. إن الاستفتاء يجب أن يكون كذلك وأنا الذى فهمته غلط. آخر نقطة أن المنسحبين وقعوا على إحدى المواد وهى الخاصة بتفسير الأزهر لمبادئ الشريعة ولقد نشرت هذه الورقة الغريبة التى عليها صورة دبدوب وواضح منها أنها كراسة أطفال على مواقع الإنترنت. دققت فيها النظر فوجدت بعض الموقعين قد كتبوا بالحرف أن تكون هذه الموافقة فى إطار التوافق على كل المواد وبغير ذلك لا تكون، أى أن الموافقين كانوا ينتظرون التوافق مع الإخوان والسلفيين على المبادئ كلها لكن الذى حصل أن هؤلاء زهقوهم وطلعوهم من عيشتهم فتركوا اللجنة وفازوا هم بالانفراد بها. يحزننى أن أحدا ممن خرج على التليفزيون يشير إلى أسماء الموقعين لم يذكر شيئا من ذلك وأراد فقط الفضيحة. والأهم من ذلك أن اللجنة التى تقول إنها انتظرت عودة المنسحبين لم تضم الاحتياطيين إلا فى التصويت. احتياطيون لم يشاركوا فى المناقشة ولا الصياغة صار دورهم القول بنعم فكيف؟ هل يكف المدافعون عما فعله الرئيس واللجنة المزعومة من فقع مرارتنا ويقدمون تبريرات مقنعة؟ ليس لديهم للأسف إلا هذا الهراء الممل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

حسينعبد العزيز

نعم

عدد الردود 0

بواسطة:

البرئ

الى الكاتب المحترم

عدد الردود 0

بواسطة:

دكتور حسن

مليشيات عصابة الأخوان بالخطوة العسكرية تسحق المعتصمين بالأتحادية و مسجلة صوت و صورة

و مازالوا يكذبون

عدد الردود 0

بواسطة:

الزيات

فيلم الموسم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة