إبراهيم عبد المجيد

الدستور وهابى.. الأدباء يمتنعون

الجمعة، 30 مارس 2012 07:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أضحكنى كثيرًا استبعاد كل قائمة اتحاد الكتاب من المشاركين فى لجنة وضع مشروع الدستور، أقول أضحكنى، ولم يحزنى، لأنه من البداية كان واضحًا أن الأغلبية التى جرت فى مجلس الشعب ستتصرف باعتبارها أغلبية أبدية مثلها فى ذلك مثل الحزب الوطنى، وما كانت معركتهم من أجل الدستور بعد الانتخابات فى العام الماضى إلا تمهيدًا لذلك، لقد أطاحت ثورة 25 يناير بالحزب الوطنى ورئيسه، وانفجر الإناء بما فيه، ولم يكن فيه أكثر من الإخوان المسلمين والسلفيين، لكن الإخوان والسلفيين يتشدقون بما عانوه من النظام السابق كأنهم عانوا وحدهم، كأن الذين قاموا بالثورة بعيدون عنهم ولم يكونوا يعانون، على الأقل كانت شجاعة الثوار من الجيل الجديد سابقة لشجاعتهم، ولولا هذه الشجاعة ما انزاح رأس النظام ولا حزبه، وهذا كلام يشمل أيضًا كل الأحزاب القديمة والجديدة، لكن كثيرًا من هذه الأحزاب كانت تلتقى فكريّا مع شباب الثورة، وإن تعبت ووهنت وارتمى بعضها فى أحضان الحكم، هذه الأحزاب القديمة الأخرى كان شعارها الذى لم توفق فيه هو الديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ولم تضيع وقتها ووقتنا فى الهجوم على الفن والفنانين والأدب والأدباء، وحدهم هم الإخوان والسلفيون الذين ملأوا الدنيا صراخًا واحتجاجًا على الفن والأدب، وحين أتيحت للإخوان الفرصة أكثر من مرة للوصول إلى مجلس الشعب كان هذا هو هاجسهم الأكبر ونضالهم الأعظم، ورغم أن كل القضايا التى أثاروها انتهت إلى العدم، فإنها أكدت أنهم أعداء لحرية الفكر والإبداع، لذلك كان طبيعيّا أن يهملوا القائمة كلها، بالضبط كما أهملوا الأقباط والمرأة وشباب الثورة، فلم يشكلوا فى القائمة إلا %6 رغم أن الأقباط ليسوا أقلية، بل هم جزء من البناء الأصيل لهذا الوطن، ورغم أن المرأة نصف المجتمع، والأهم أنها ظهرت فى ثورة 25 يناير بمظهر أذهل البشر جميعًا فى كل الدنيا، وكانت دائمًا فى مقدمة الصفوف للموت، وكانت تشغل ما لا يقل عن 30 فى المائة من شباب الثوار فى الميادين والشوارع وأمام الرصاص، وكان صوتها يرتفع إلى السماء جنبًا إلى جنب مع صوت الرجال، وذاقت من الضنى فى البرد والعراء ما ناله الرجال وأكثر، باعتبارها فى النهاية امرأة تستحق مكانًا أفضل، بل لا أغالى إذا قلت إن من مهد لهذه الثورة من النساء كُن أكثر شجاعة من كثير من الرجال، وارجعوا إلى اليوتيوب والفيس بوك وتويتر لتروا من حرض على الثورة منهن بشجاعة منقطعة النظير جعلت كثيرًا جدّا من الشباب يقول لنفسه: كيف لا أنزل الميدان الذى تسبقنى إليه الفتيات والنساء، ولن أعدد لكم الفئات الأخرى التى أزيحت من اللجنة العقيمة، مثل النوبيين والفقهاء العظام فى القانون الذين أزيحوا من أجل ناس يرتدون الزى الإسلامى ويطلقون لحاهم كأن ذلك علامة على العلم، وأحدهم صرخ مرة فى مجلس الشعب مناديًا بإلغاء اللغة الإنجليزية من المدارس! تصوروا! إذن ليس الأدباء فقط هم الذين استبعدوا، بل مفكرون كبار، كأن الدستور كما قال الدكتور نور فرحات قد كتب مسبقًا ولم يبق إلا التصويت عليه، ومن ثم فلا حاجة لأحد من خارج الحزبين إلا لاستكمال الشكل، تمامًا كغير المأسوف عليه الحزب الوطنى، وفيما يبدو حقّا أن الأمر كذلك، وجود الأدباء والفنانين من أصحاب الرأى، وليس أى أحد، يعنى وجود أصوات قوية تنادى بحرية التعبير وحرية الفنون على أشكالها، وهذا ما لا يريده الإخوان ولا السلفيون، يريدون رقابة صارمة تذهب بصناعة الفن إلى الجحيم وتجعل الأدباء ينشرون أعمالهم خارج مصر إن لم يتركوها تمامًا كما يفعل أدباء السعودية الكبار، وهكذا تخلو مصر من كل روح، أما تجاهل الأقباط الذين كان لهم فى الثورة نصيب كبير، والذين لاقوا العسف والظلم على طول الأربعين سنة الماضية منذ عصر السادات، والذين كان كبيرهم الشجاع العظيم هو من رفض زيارة القدس مع السادات فلاقى ما لاقى من ظلم، وهو الذى صبر كثيرًا على ما لاقاه شعبه، شعب الكنيسة أقصد، وكان ضامنًا لوحدة هذه الأمة رحمه الله البابا شنودة الثالث العظيم الذى لن يتكرر، هؤلاء الأقباط أرسل إليهم الإخوان والسلفيون رسالة أن القادم لنا، وليس لكم بيننا مكان، رغم أنهم جزء أصيل أكثر من أى جزء من هذه الأمة كما قلت من قبل، وتستطيع طبعًا أن تقول الأمر نفسه عن النوبيين، والأغرب أكثر هو استبعاد شباب الثورة الذين فيهم من المثقفين أكثر مما فى أى حزب جديد أو قديم، أعود إلى مسألة الأدباء والمبدعين فأقول: كيف ننتظر ممن هم ضد الروح الإنسانى - الذى يعد الفن والأدب أحد تجلياته الكبرى - أن يوافقوا على قائمة لاتحاد الكتاب، هل يعرفون ما هى مصر فى العالم العربى والعالم بعد الآثار الفرعونية التى يريدون هدمها؟ هى كتّابها وفنانوها وليس حكامها ولا مجلس شعبها ولا مجلس شوراها، وما فعلته الروايات التى ترجمت لعشرات الكتاب من أثر فى عموم الناس فى الخارج كان ولا يزال الصورة الأجمل عن بلادنا، بعد أن شوهته صور التخلف الذى يدعى الإسلام، وصور الإرهاب الذى أنتجته أحزابهم أو جماعاتهم فى يوم ما ولا تزال، الناس فى العالم يعرفون طه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وعلاء الأسوانى وبهاء طاهر وجمال الغيطانى وصنع الله إبراهيم وسلوى بكر ونوال السعداوى ومحمد البساطى وغيرهم وغيرهن أكثر مما تعرف عن أولئك وغيرهم من السياسيين أصحاب الأجندة الوهابية.

لقد خرج عن اللجنة المزعومة حتى كتابة هذه السطور خمسة وعشرون عضوًا احترموا أنفسهم، وكلهم تقريبًا جاءت بهم الثورة الحقيقية، وليست الشعارات الزائفة عن الإسلام والكفر، التى هى شعارات التبعية الوهابية التى أضلت العباد وضيعت البلاد، أقول خرج عن اللجنة 25 عضوًا ورفعت القضايا ضدها، فماذا يريد الإخوان والسلفيون من رفض أكثر من ذلك؟ وأى دستور سيكتبون؟ أو أى دستور مكتوب أصلاً ويريدون الإجماع عليه؟ دستور يجعل مصر صحراء لا نبت فيها ولا ماء، يحكمها مستبد يطلقون عليه فيما بعد «ظل الله على الأرض».. مأساة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

هكذا يريدون

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

كلام ينم عن ثقافة كاتبه

عدد الردود 0

بواسطة:

اسامة الابشيهي

مازال امن الدولة قابع فى عقولكم

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد من المسلمين

مفيش تعليق لا فوق و لا تحت

.

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل قطب

الدستور

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

الشعب قال كلمته واختار الهوية الاسلامية

عدد الردود 0

بواسطة:

مايسترو

الى رقم 5

عدد الردود 0

بواسطة:

سما

طبعا لكل بلد هوية

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

الى الكاتب اتحدك

ان كنت تعرف كتاب محمد بن عبدالوهاب بس مع الهوجا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

طبيعة العلمانين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة