«أخونة» الصحافة

لا يمكن الفصل بين نغمة الهجوم على الإعلام بدعوى أنه يتربص بالرئيس محمد مرسى، وبين ما يحدث الآن من مجلس الشورى فى مسألة فتح باب الترشيح لشغل مناصب رؤساء تحرير، ومجالس إدارات الصحف القومية، عبر لجنة حددها المجلس ستفحص أوراق المتقدمين ثم تقرر.

فى الحالتين سيقودك المنطق إلى أننا مقبلون على ما يخشاه البعض من «أخونة مؤسسات الدولة»، وفى القلب منها الصحافة المملوكة للدولة، وهل نصدق فى ذلك، مثلا، أن الأمر سينتهى بترشيح صحفى يختلف جذريا مع الإخوان فى قيادة الأهرام، والأخبار، والجمهورية؟
حين تجد أسماء صحفية مثل المحترم محمد عبدالقدوس فى مظاهرة تأييد للشروط التى وضعها مجلس الشورى فى تعيين القيادات الصحفية، لن تفصل موقفه هذا عن انتمائه لجماعة الإخوان التى تسيطر على مجلس الشورى، صانع هذه الشروط، وحين تستمع إلى نقيب الصحفيين ممدوح الولى وهو يتهم معارضى هذه الشروط قائلاً: «هم رجال صفوت الشريف الذين يريدون استمرار الأوضاع على ما هى عليه داخل تلك المؤسسات»، فلا بد أن تقول له: «أنت ترتكب خطأ فادحا»، ويعزز هذا القول أن فى معارضة نهج الشورى قامات صحفية مثل جلال عارف، وجمال الغيطانى، ومكرم محمد أحمد الذى تختلف معه سياسيا، لكنك لن تستطيع الإقلال من قيمته الصحفية العالية، وسبعة من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، أغلبهم ممن كانوا معارضين للنظام السابق، وفى القلب منه صفوت الشريف.

المثير أن ما ذهب إليه «الولى» هو نفس رأى فتحى شهاب الدين، عضو مجلس الشورى، رئيس اللجنة المعنية بالاختيار، والذى قال: «الحملة التى تهاجم مجلس الشورى يقف وراءها من يريدون الحفاظ على مناصبهم ومقاومة التغيير من أجل مصالحهم الشخصية»، وبقدر ما تؤكد هذه اللغة، أنها هى نفس اللغة التى كان يستخدمها النظام السابق فى مواجهة معارضيه، فإنها تنم عن عدم الرغبة فى إحالة القضايا إلى أهل الاختصاص.

القضية ليست «مهنية»، بمعنى أنها تخص فئة محددة، إنما هى تكشف رؤية «إخوانية» نحو الإعلام تستهدف السيطرة عليه، ودعك من أحاديث التطوير، فالجهة التى ستمنح هى نفس الجهة التى ستمنع.