ناصر عراق

ما الذى يوحّد الناس.. الوطن أم الطبقة أم الدين؟

الأربعاء، 18 ديسمبر 2013 06:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعود الفضل لثورتى يناير ويونيو فى أنهما طرحتا الأسئلة الكبرى علينا، نحن المصريين، مرة أخرى بعد سنوات كبيسة قضيناها فى العبث والتفاهة والسذاجة بكل أسف.

من أهم هذه الأسئلة التى ينبغى أن نطرحها على أنفسنا حتى نصل إلى إجابة تطمئن لها عقولنا، وترتاح ضمائرنا هذا السؤال.. ما الذى يوحّد الناس ويؤلف بينهم؟ هل هو الوطن أم الطبقة الاجتماعية أم الدين؟ ذلك أن هناك بعض الفصائل الإسلامية التى خسرت معركتها مع الشعب زعمت أن (دينى هو وطنى) وسمعنا من يهتف من جماعة الإخوان محولاً مطلع الأغنية الوطنية الشهيرة لنجاح سلام إلى (يا أوسخ اسم فى الوجود.. يا مصر)، وأعتذر عن الإساءة التى اعترتك كما اعترتنى.

فى البداية علينا أن ننتبه إلى أن مفهوم الوطن بالمعنى الحديث لم يترسخ فى العالم إلا مع استقرار عصر النهضة فى أوروبا (القرنان 16، و17)، إذ كان الناس قبل ذلك يعيشون فى قبائل وجماعات تنتقل من بيئة لأخرى بحثا عن مصادر الطعام والماء، ولما عرف الإنسان الزراعة استقر بجانب الأنهار وأسس حضارته الأولى التى تلعب فيها اللغة المشتركة الدور الأهم فى توحيد الأفكار والرؤى والمزاج العام، ومع التطور الصناعى شرع الإنسان فى ضبط وحماية المناطق التى يعيش فيها، فأسس جيشًا يحميه، وبنى منظومة سياسية تنظم تدير شئون المساحة التى صارت دولة أو وطناً.

وفى أوروبا توحدت المقاطعات فى أوطان ودول، فصارت فرنسا، وإنجلترا وأسبانيا والبرتغال دولا لها شعارات وأعلام وجيوش وأنظمة سياسية، وشعوب تعتز بلغاتها، بينما كنا فى مصر نجهل مفهوم الوطن أو الدولة الحديثة، إذ اعتبرنا أنفسنا أمة من ضمن الأمم الإسلامية التابعة للسلطان العثمانى، حيث لم يعرف مفهوم الوطن الحديث طريقه إلينا إلا مع مطلع القرن العشرين.

والمثير أن مفهوم الطبقة الاجتماعية ذات المصالح المشتركة تبلور مع تطور الفكر الفلسفى فى ألمانيا قبل 200 عام تقريبًا، وقد صرخ ماركس فى منتصف القرن التاسع عشر هاتفاً (يا عمال العالم اتحدوا) حين لاحظ أن الرأسمالية الأوروبية وأصحاب المصانع الكبيرة تستغل العمال استغلالاً بشعًا وتستنزفهم لتراكم الأرباح فى جيوبها، لذا قال ماركس أن مصلحة العامل الألمانى تتفق مع مصالح العامل الإنجليزى والفرنسى ضد كل رأسمالى فى أى من هذه الدول، داعيًا كل عمال العالم إلى الاتحاد لإسقاط حكم الرأسماليين، ضاربًا عرض الحائط باللغة المشتركة والوطن الحديث!.

لكن ما نسيه ماركس هو دور الوطن فى تعزيز شعور الإنسان بذاته، فالمشاعر الوطنية جزء أصيل من المشاعر الإنسانية لا يمكن إهمالها أو الاستخفاف بها أو التهكم عليها! لذا انزعج المصريون كثيرًا حين صرخ المرشد السابق للإخوان (طز فى مصر) لأنه يستهزئ بالوطن، وقد قال فى حواره الشهير هذا أنه لا يمانع فى أن يحكم مصر أفغانى مسلم، ولا يحكمها مصرى مسيحى، برغم أن الأفغانى لا يعرف اللغة العربية!.

باختصار.. سل نفسك.. أيهما أقرب إلى قلبك ومشاعرك رجل مسلم من (كولالمبور) لا يعرف العربية ولم يعش فى مصر ولا تربطه بنا ثقافة واحدة أو مزاج واحد، أم مصرى مسيحى يتحدث بالعربية مثلك، ويسكن بجوارك، ويتعذب فى المواصلات مثلما تتعذب، ويأكل مثلما تأكل ويضحك مع فؤاد المهندس وعادل إمام مثلما تضحك، ويطرب معك عند سماع أم كلثوم وعبد الوهاب، وتضرر مثلك من نظامى مبارك ومرسي؟
تذكر من فضلك أغنية سيد درويش التى شدا قبل أكثر من 90 عامًا، حيث يقول:

اسمع اسمع منى كلمـــــــة
إن كنت صحيح بدك تخــدم
مصــر أم الدنيا وتتقـــــــدم
لا تقول نصرانى ولا مسلم
ولا يهودى يا شيخ اتعلــــم
اللى أوطانهم تجمعهــــــــم
عمر الأديان ما تفرقهــــــم
هل أدركت الآن.. ما الذى يوحّد الناس أكثر؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

لا شك الوطن هو الحاضن الرئيسى لاى مجتمع وهو اساس التوحد بين افراده وجماعاته وقبائله

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مسلمون مسيحيون الكل مصريون اجسادهم ودماءهم من هذا التراب الكريم وهذا النيل العظيم

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

لا تتوقع من بقايا الهكسوس والخوارج والمرتزقه ان يغنوا يا احلى اسم فى الوجود للعظيمه نجاح

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الشىء المؤسف حقا زوال الطرب الاصيل واحلاله باغانى اثارة الغرائز عن طريق الرقص والتنطيط

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

اللهم ارحم فؤاد المهندس واعط الصحه لعادل امام - هؤلاء بسمة وضحكة هذا الشعب المظلوم

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس /جمال عبد الناصر

الوطن يعيش داخل وجدان المخلصين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة