إبراهيم عبد المجيد

بعد خطاب الرئيس.. حرام!

الجمعة، 29 مارس 2013 05:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهبت إلى المقهى متوقعا وجوده حاملا الصحف القديمة كالعادة.. وجدته يشرب قهوته ولا صحف أمامه هذه المرة.. الصحف القديمة يهرب بها إلى مصر زمان ليست معه ولا صحف جديدة لا يصدق أن ما فيها يحدث فى مصر.. فاجأنى قائلا: خلاص أنا بطلت اقرا.. عنيا واجعانى ونضارتى راحت ورحت أعمل كشف نضارة لاقيت الدكتور أجازة علشان عامل عملية فى عنيه.
ضحكت. قال: بس كنت عارف إنى هالاقيك كالعادة.. مش ملاحظ إن إحنا دايما نتقابل فى الظروف الصعبة.
- ملاحظ طبعا. بس أنا مابقتش واخد بالى من أى ظروف. كلها صعبة والظاهر هاعمل زيك واقرا الصحف القديمة، أعيش هناك بدال هنا مش نافع.
- أقول لك سر؟
- اتفضل.
- أنا رحت سفارة سويسرا وطلبت اللجوء السياسى.
- معقول؟
- زى ما باقول لك كده.
- ووافقوا؟
- عملوا لجنة وقعدوا يناقشونى عن الأسباب. قلت لهم أنا مابقتش فاهم أى حاجة فى مصر.. عايز أبعد عنها يمكن أفهم.
ابتسمت.. ثم ضحكت.. وسألته:
- وبعدين؟
- ضحكوا طبعا.. زيك كده. قالوا لى لازم سبب مقبول لطلب اللجوء السياسى.. يعنى مثلا اعتداء على حقوق الإنسان.. تمييز بسبب الدين أو اللون.. سألتهم طيب وهو عدم الفهم دا مش سبب.. ما هو ممكن يؤدى للجنون.. وبعدين أنا مسلم بس الإخوان والسلفيين بيعتبرونا كفار علشان مش معاهم. مش دا تمييز.. بصوا لبعض واعتذروا لى.
قلت له شاردا: أنا فكرت مرة فى كده بس طبعا ماكملتش زيك ولا رحت هنا ولا هنا. ضحكت على نفسى وخلاص.. بس إيه اللى كبرها فى مخك كده.
- اللى بيعمله الدكتور مرسى.. وسيادة النائب العام.
- هما وصلوا ليك؟
- لا طبعا.. هما عارفين إنى عايش فى الماضى. لكن أنا ما شفتش رئيس منتخب بعد ثورة تعدى عليه تسع شهور من غير شغل.
ضحكت.. قلت له: لا تظلم الرجل.. دا كل يوم بيطلع قرارات بس احنا مش شايفين.
- إزاى مش شايفين.. فيه حاجة رخصت مثلا وما عرفناش.. ولا السياحة زادت ومانعرفش.. ولا الفلوس اللى برة رجعت.. انت هتجننى.
سكت. كنت أريده أن يسترسل أكثر وأعرف منه أكثر لأخفف عنه. بدا لى مهموما جدا اليوم.
- طيب انت عاجبك رفع الضرائب على لبن الأطفال مثلا؟
- لا طبعا رغم إن عيالى كبرت.
- تفتكر دا ليه علاقة بكلام رئيس الوزارة عن الرضاعة؟
شعرت بالحيرة.. لم أرد.
- يمكن الرئيس عمل كده علشان النسوان ترجع للرضاعة الطبيعية والعيال يجيلها إسهال ويثبت لنا إن كلام رئيس الوزارة صح.
قلت ضاحكا: يا ابن الإيه.. مخك بيروح بعيد أوى. مش للدرجة دى يعنى.
- بلاش دى.. إيه رأيك إنه هدد بالقبض على المعارضة وبعد الخطاب على طول النائب العام حرك الدعوى ضد النشطاء والسياسيين. اللى كلهم إدوا أصواتهم لمرسى قبل كده.
- دا طبعا غلط.. ورأيى إن اللى حصل يوم الجمعة اللى فاتت فى المقطم خلى الإخوان فى حالة ارتباك.. هما ضربوا الناس صحيح لكن أول مرة ينضربوا. مش مصدقين.
- عارف مين ضربهم؟
- ويعنى لو عارف هاقول لك مثلا؟
ضحكنا بقوة.. قال: أنا كمان مش هاقول لك غير إن فيه شباب كتير نزلوا آخر النهار من العشوائيات القريبة.. كان شكلهم زى اللى رايح يهاجم إسرائيل.. آه والله.. هما دول اللى ضربوا الإخوان.. ماجوش مع المظاهرات العادية من السيدة عيشة مثلا.
- ممكن جدا.. حد قال لى كده برضه.. بس سيبك من ده.. انت مش فاهم إيه تانى خلاك تفكر فى اللجوء السياسى.
- النائب العام مثلا عنده شكاوى ومحاضر كتير ضد الإخوان والسلفيين من أيام الاتحادية ما تحركتش.
- دا عادى وما يخليكش تستغرب. الدكتور مرسى هو اللى معينه.
- أيوة بس إزاى يرضى على نفسه كده. مافيش مصلحة تخليه يحط نفسه فى الوضع ده.. دا الرئيس قال سأفعلها وتانى يوم النائب العام فعلها.
- خلاص إحنا فهمنا النائب العام ومش مستغربين.
- طيب على كده المظاهرات مش هتخلص.
- ومين قال لك إنهم عايزينها تخلص.
نظر إلىّ فى دهشة وقال: يعنى إيه؟
ضحكت.. طلبت له ولى «شاى». وجدت نفسى أقول للجرسون شاى على مية بيضا.. وقلت له:
- هما عايزينها على مية بيضا.. مصر يعنى.. مافيهاش حد من الثورة.
- بس دا مش ممكن يحصل.. اللى يفكر فى كده مجنون.. دا مبارك قعد عشرين سنة على ماظهر إنه ديكتاتور.
- مبارك كان إحساسه بالزمن بطىء. رئيسنا مستعجل.
- مش شايف إنه جه بعد ثورة.
- ما أظنش إنه فاكر الثورة.
- طيب سيبنا من السياسة.. إيه حكاية الصوابع دى اللى قالها قدام الستات، مش كان المؤتمر لقضايا المرأة. الرئيس ما خدش باله إن دا عيب.
- رجع قال نفس الكلام عن الصوابع فى قطر قدام الرؤساء والملوك العرب، يبقى ما يقصدش.. وبعدين إنت إيه اللى تاعبك من الصوابع للدرجة دى.
- مراتى عملت كفتة النهارده. سبت البيت وحلفت ما أنا راجع إلا ما تخلص.
ضحكت بقوة من جديد.
- آه والله.. قلت لها انتى والرئيس عليا. سبت البيت ونسيت أجيب الجرايد القديمة معايا.
هذه المرة لم أضحك. أعرف أنه يعيش وحيدا. إنه فقد زوجته من عشر سنوات.. وأن أحد أسباب عودته للصحف القديمة التى لا يعلنها، وربما لا يعرفها، أنه لم يعد متوائما مع المجتمع بعد أن صار وحيدا. أردت أن أخرجه عن الحالة التى بدت جادة.. قلت له:
- كل مرة أعزمك على القهوة أو الشاى.. وساعات انت بتعزمنى.. ما رأيك أعزمك على الغدا.
قال ضاحكا: ماعنديش مانع.. بس أى حاجة مدورة. بيتزا، حمام محشى، فول، عدس، كعك من بتاع زمان.. المهم تبعد عن الكفتة والطرب والكباب علشان السياخ. الحكاية مش ناقصة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة