مثقفون: الخطابات لا تتميز باللغة بل تتميز بوعيها الجمالى والمعرفى

الجمعة، 06 فبراير 2015 06:12 ص
مثقفون: الخطابات لا تتميز باللغة بل تتميز بوعيها الجمالى والمعرفى جانب من الندوة
كتب شريف إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استضافت قاعة ضيف الشرف بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، أمس، ندوة لمناقشة كتاب "سيد حجاب: سقوط الآلهة فى الوعى الجمالى" تأليف حميدة عبد الإله، ويشارك فى الندوة الشاعر الكبير سيد حجاب، ومؤلف الكتاب الأستاذ حميدة عبد الإله، والناقد الدكتور صلاح السروى، ويدير الجلسة حسن الشاذلى.

بدأ "حسن الشاذلى" الجلسة قائلا: يأتى هذا اللقاء لمناقشة كتاب مهم عن الشاعر الكبير سيد حجاب الذى نحفظه عن ظهر قلب عبر سرد غنائى لن ينتهى، وربما وقعت فى هذا المأزق بأننى أصبحت أسيرا لسيد حجاب من خلال هذه القصائد التى تم غناؤها على مر عقود وروت لنا الكثير وأرخت لفترات وحقب مصرية مختلفة بداية من الحارة المصرية ومرورا بالشارع ونهاية بالميدان.

وتحدث الشاعر الكبير "سيد حجاب": لقد أسعدنى الحظ فى الأعوام الثلاثة الأخيرة أن اثنين من الشعراء الكبار تناولوا أعمالى بالنقد، وأنا أرى هذه المسألة نادرة ومهمة وينبغى أن تحى لأن كل شاعر منهم عنده مشروعه الشعرى الكبير فأن يتفرغ "الشاعر إبراهيم خطاب" والشاعر "حميدة عبد الإله" فهذه مأثرة ينبغى أن نتوقف عندها كثيرا، وفيما يتعلق بكتاب "سيد حجاب سقوط الآلهة فى الوعى الجمالى" فأنا أرى أنه كتاب شديد الأهمية ليس فى تناوله شعر سيد حجاب فقط لكن فى تناوله لمفهوم الحداثة كما ينبغى أن يكون، وقد حصل عندنا نوع من الحداثة وهو انفصال النخبة عن الجماهير الإنسانية وبالتالى ظل المستنيرون ينورون المستنيرين ولم يلتفتوا بأن ينوروا من يفتقدون إلى النور، وهذا الكتاب يشير إلى هذه الفجوة التى وقعت بين المستنيرين وأهل الحداثة وبين شعبهم الذى هو فى أشد الحاجة إلى أن يتغير عقله ليدخل إلى آفاق الحداثة، والشىء الآخر الذى أسعدنى جدا أنه اعتبرنى نموذجا للحداثة بما يعنى أنه قراءة مشروعى الشعرى كما لم تعبر عنه إلا فى شعرى، وأنا أتصور أننا وقعنا فى إشكالية خطيرة منذ بداية عصر الحداثة فى مصر وهذه الإشكالية أننا حاولنا دائما أن نصنع تلفيقة منهجية بين القديم والحديث.

وأضاف "حجاب": أنا فى تقديرى إن وقوعنا فى هذه الإشكالية ضللنا وجعلنا نلجأ إلى حلول تلفيقية بينما المبدعين الحقيقيين فى بلدنا هم من حلوا هذه المعادلة حلا صحيحا لأنهم امتلئوا بتراثنا ثم واجهوا عالمنا المعاصر بعيونهم العقلانية والعلمية التى تنتمى إلى العصر وكان لدينا نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور وأحمد شوقى ومن تلاهم من المبدعين، وأنا أرى أن هذا الكتاب بادرة أو إشارة لنقادنا الذين غرقوا طويلا فى أنهم يقيسوا أعمالنا النقدية بمعيار خلق للقياس بالأعمال النقدية الأجنبية وكلهم أبناء مدارس نقدية ولذا يحاولون أن يطبقوا هذه المسطرة المتعسفة على أعمالنا وحتى الآن ليس لدينا علم جمال مصرى حقيقى ينطلق من قراءة إبداعات المصريين، وأنا أرى فى هذا الكتاب إشارة مهمة لهؤلاء النقاد أن يبدأوا بما هو قائم بالفعل كى ينظروا جماليا له لا أن يستعيروا أدوات اجنبية لقياس أعمالنا الأدبية، وأنا أرى أن هذا الكتاب مهم جدا فى مسيرتى الشعرية وفى المسيرة النقدية المصرية بعد أن توارى منذ زمن بعيد النقاد الذين ينطلقون من الإبداع الفنى مثل "مندور" و"لويس عوض" وغرق النقاد فى المدارس النقدية أكثر مما يغرقون فى الإبداعات المصرية الحقيقية.

وقال الأستاذ حميدة عبد الإله: أتمنى أن يكون هذا الكتاب هو خطوة تلفت النظر إلى شعر العامية ومشروعيته وأحقيته بحقوق النقض عليه، إن الخطابات لا تتميز باللغة بل تتميز بوعيها الجمالى والمعرفى أما أن تتمايز باللغة فهذا معناه أن نتحول إلى حراس قداسة وتصبح اللغة الفصحى هى اللغة المقدسة وتصبح اللغة العامية لغة خارج المشروع الاجتماعى وخارج التراث وهذا يمكن أن يشكل جريمة على التراث المصرى والتراث الشعرى المصرى تحديدا إذ كثيرا ما سمعت أن الحداثة وما بعدها وأن الإنجاز الجمالى إنما يحمل عبئه شعر الفصحى فقط وهذه أكذوبة كبرى لا تصمد أمام البحث والنقد وعلى كل المستويات ذلك لأن المبدع يبدع بلغته هو التى يختارها لا اللغة التى يختارها الآخرون له وأنا فى اعتقادى إن الإبداع الذى يحمل السمات المصرية الحقيقية هو إبداع العامية وقليل من شعر الفصحى.

وتحدث الدكتور صلاح السروى قائلا فى الحديث عن عنوان الكتاب "سيد حجاب: سقوط الآلهة فى الوعى الجمالى" ماهذا العنوان وما دلالته هذا العنوان أنا فى رأيى أنه متأثر بعنوان لأحد كتب "إدوارد سعيد" الذى جاء بعنوان الآلهة التى تفشل دائما وكتابة باعتباره الأصل فى هذا المقام يمحو باللائمة على المثقفين الذين تحولوا من ضمائر ومن كيانات ترسم الطريق وتكتشف الروئ وتضع يدها على الجراح وعلى آفاق المستقبل إلى موظفين وإلى مهاريين فى مجالات بعينها وتخلوا عن دورهم الرسولى الضميرى بذاته، وعلينا أن نتحقق هل هو يقصد ما رمى إليه الكتاب الأول أم أنه يشتق لنفسه طريقًا آخر والحقيقة أنى وجدت الكتاب يسير فى نفس الطريق ولكن فى اختلاف بسيط، إلا وهو ان هذه النخب المثقفة التى تتحدث العربية إنما هى نخب موظفة ومنغلقة وتقبع فى أبراج عالية منفصلة عن الناس والشارع والحياة اليومية وما إلى ذلك، وأعتقد أن هذا فيه قدر من التجاوز بحيث إننا لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تعتبر أن نجيب محفوظ أو توفيق الحكيم أو طه حسين الذى ملئوا الدنيا علما وثقافة إنما هم منعزلون، إذن القضية بالتحديد هو الانتصار لشعر العامية واعتبار العامية هى لغة الحياة اليومية ولغة البسطاء ومن ثم فعليها ان تكتسح ما دونها من ألوان لغوية أخرى، وأنا أعتبر أن تلك جناية كبرى حيث إننا لا يمكن بحال من الأحوال أن نعتبر أن هناك تشابكا مبدئيا أو صراع بين العامية والفصحى ولكن هناك مدارك تصلح فيها العمية وهناك مدارك تصلح فيها الفصحى وهناك مناطق مشتركة بدون أدنى شك فلا يمكن أن أتصور أن سيد حجاب يزاحم صلاح عبد الصبور وكلاهما لهم إنجاز كبير وكلاهم له أثره وله جمهوره.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة