أبو تريكة وقضيته

قبل ثورة 25 يناير، وبالتحديد فى شهر يونيو عام لعلاج «57357» 2009 كنت فى زيارة إلى مستشفى سرطان الأطفال، وأبهرنى كل شىء فيها فكتبت عما رأيته، وكان من ضمنه لوحة معدنية صغيرة على باب الأسانسير مكتوب عليها: صدقة جارية من اللاعب محمد المدير الفنى » أبوتريكة، وإهداء من مانويل جوزيه وتساءلت وقتها: ،« الأسبق لفريق الأهلى لكرة القدم ماذا لو حذا باقى نجوم الفن والرياضة ورجال الأعمال » المتخمين بالملايين فى البنوك حذو أبوتريكة وجوزيه؟ ماذا لو تكفلوا مثلا بالتبرع لمائة مستشفى فى أنحاء مصر، بنفس الدرجة التى تبرع بها لمستشفى سرطان الأطفال؟

كان أبوتريكة وقتها يصول ويجول فى الملاعب ونجما محبوبا من الجماهير، ويعانق الرئيس حسنى مبارك بحرارة، وكذلك جمال مبارك وعلاء مبارك، ولو عدنا إلى أرشيف الصور سنجد عشرات منها توضح كيف كان أبوتريكة سعيدا، ويحدث ذلك فى الوقت الذى كان لجماعة الإخوان 88 نائبا فى البرلمان.

لم يذكر أحد وقتها أن أبوتريكة ضمن صفوف الجماعة، كان الحديث عن تدينه، وبالتالى فإن تبرعه لفعل الخير يأتى من هذا الباب، وكان صحفيون رياضيون يتداولون همسا عشرات الحكايات عن أعماله الخيرية، ولم يضع أحد ذلك فى باب الإعداد لزعيم سياسى، ولم يظهر منه ما يدل، وبالتالى وضعت الجماهير تصرفات نجمها المحبوب فى حيزها وسياقها الطبيعى، وجرى تفسير ما يفعله على نحو أنه ينتمى إلى التدين الشعبى الطبيعى للمصريين.

الشواهد إذن كانت تقول إننا أمام فاعل خير فى صمت، وبعد ثورة 25 يناير حدث تسييس لكل شىء بما فى ذلك إعلان نجوم الرياضة لمواقفهم السياسية، وفيهم من بكى على مبارك وزمنه، وأيد شفيق فى الرئاسة، وفيهم من أيد مرسى، وكان أبوتريكة موضع نظر فى كل ذلك خاصة أنه ممن أعلنوا تأييدهم لمرسى، وفيما قالت الجماعة إنه من أعضائها، كان أبوتريكة ينفى، وتطورت الأحداث إلى ما هو حادث الآن باتهامه بتمويل الإرهاب ومنعه من التصرف فى أمواله، وبالطبع سيقول القضاء كلمته النهائية فيها، ومع تأكيدى على أنه لا أحد فوق القانون مهما كان قدره، إلا أن أمنيتى الشخصية أن يكون بريئا ليس لنجوميته، وإنما لأجل قيمة أن تجد نجما مشهورا يفعل خيرا لوجه الله وفى صمت.