محمود سعد الدين

الأمن القومى

الثلاثاء، 05 مايو 2015 06:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين أكثر المفاهيم تعقيدًا فى قاموس الدولة المصرية، لدرجة بات فيها المصطلح هو التبرير الوحيد للشىء ونقيضة فى نفس الوقت ولم يعد فقط مرتبطا بالأمور العسكرية، وإنما تخطاها إلى دعوى خلع الحجاب عندما وصفها وزير الأوقاف بأنها أمن قومى.

لست هنا بصدد مناقشة قضية الحجاب، ولكن بصدد مناقشة مفهوم الأمن القومى الذى لا تتفق أجهزة الدولة فيما بينها على تعريف محدد له، يدفعنا نحن كصحفيين أو حتى متابعين للشأن العام إلى إدراك ما هو أمن قومى فنأخذ الحيطة ونحن نناقشه، وما هو بعيد عن الأمن القومى.

قبل شهر ونصف الشهر صدر قرار بحظر نشر التحقيقات فى قضية أنصار بيت المقدس بدعوى الأمن القومى، ولصاحب القرار وجهة نظر وعقيدة تحترم، والتزمنا جميعا بها، ولكن نشر تحقيقات القضية نفسها من وجهة نظر أخرى هو صلب المصلحة المباشرة للأمن القومى، لأن القضية بالأساس تكشف خيوط ودوائر صناعة الإرهاب فى مصر بعد 30 يونيو، وتظهر لأول مرة التفاصيل الكاملة لوقائع تقجير مديريات أمن القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء وغيرها من العشرات الإرهابية، وهى أسرار طالما انتظرها المواطن من القيادة السياسية للدولة التى تسير لغة خطاباتها بنمط واحد فقط وبكلمة متكررة «مكافحة الإرهاب ومواجهته» دون ذكر تفاصيل تشفى غليل المصريين.

الجانب الثانى من مناقشة فكرة الأمن القومى هو تمسك القيادات الأمنية المصرية من صناع القرار بنفس القواعد القديمة فى إدارة المعركة الإعلامية وقت الحرب، والحرب هنا أقصد ما يدور فى سيناء. فقيادتنا الأمنية لا تزال تتحفظ على نشر فيديوهات أو قصص أو معالجات إعلامية مختلفة وتقف عند المرحلة الفقيرة المتجسدة فى بيانات جافة مرفقة بقليل من الصور، اللهم إلا محاولة وحيدة تبنى فيها الجناح الإعلامى بمؤسساتنا الأمنية زاوية مختلفة من المعالجات فى فيلم تسجيلى عن شهداء سيناء حمل عنوان «كنت أعرفه»، لقى صدى كبيرا عند المواطن العادى قبل رجل الأمن نفسه الذى يواجه الإرهاب الأسود.

الأصل أننا نحن من صنعنا كلمة الأمن القومى، ونحن من قيدنا أنفسنا بها، ونحن من جعلناها «شماعة» لأى محاولات تبرير عدم النشر أو الإفصاح عن المعلومات التى قد تعود علينا وعليكم بنتائج إيجابية.
نحن الدولة الوحيدة التى لا تزال تكتب على مقراتها الأمنية ممنوع الاقتراب أو التصوير رغم أن المقر محدد موقعه جغرافيا بواسطة الأقمار، وأصغر طالب فى أفقر مدرسة بسوهاج يستطيع عبر «جوجل إيرث» أن يحدد الأبعاد الجغرافية لمقراتنا الأمنية ومساحاتها الهندسية أيضًا، وهنا يكمن الخطر، ليس فى «جوجل إيرث» ولكن فى عدم إدراكنا أن متغيرات اللعبة تتغير بفضل التكنولوجيا الحديثة وهو ما يدفعنا بقوة نحو إعادة تحرير مفهوم الأمن القومى وإعادة رسم مسار جديد لإعلامنا الأمنى، مبنى بالأساس على إبراز روح القتال لدى الجندى المصرى وتقديم الجانب الإنسانى فى حياته، أو بالأصح «أنسنة الجندى المصرى».

كلماتى تنطلق من دافع وطنى، من غيرة على مؤسسات بلدى الأمنية.
اللهم بلغت








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة