محلب بيقول.. لكن الناس بتقول

قبل أيام قال لى مواطن بسيط: «إبراهيم محلب رئيس الحكومة بيجرى فى ناحية، والناس بتجرى فى ناحية تانية»، كان المواطن يناقش معى تصريحات «محلب» التى هدد فيها الموظفين الذين سيقولون للجمهور: «فوت علينا بعد رمضان»، وقال لى المواطن البسيط ضاحكا: «رئيس الحكومة بيقول حاجة والناس بتنفذ حاجة تانية، دا عشان يضبط الموظفين لازم يمر عليهم شخصيا كل يوم».

أعادتنى الأحداث التى وقف عليها رئيس الوزراء يوم السبت الماضى بزيارته لمعهد القلب، ومعهد بلهارس للأبحاث بالوراق «إلى ما سمعته من المواطن البسيط»، الذى اختتم كلامه بقوله: «والله محلب صعبان على».

فى زيارة رئيس الوزراء إلى معهد القلب وقف على كم الفوضى التى عليها المعهد، واستمع إلى سيدة مسنة تقف فى طابور المرضى: «اللى بيحصل فى العيادات الخارجية مهزلة»، ووجد إحدى الممرضات تكدس مشترياتها فى مدخل الدور، فقال لها: «هو إحنا فى سوق عكاظ، كله هيتحاسب»، وفى معهد بلهارس، لم يجد الحال أحسن من معهد القلب، فالفوضى سيدة الموقف والإهمال يعم كل شىء.

المأساة فى قصة الزيارة، أنها تبدو وكأن رئيس الوزراء يكتشف شيئا جديدا، وكأن الإهمال هو استثناء فى هاتين المؤسستين، فى حين أن باقى المؤسسات تمام التمام، والكارثة الكبرى أن يكون هو بنفسه الذى قام بعملية ضبط الإهمال وتلبس الأطباء والموظفين بجريمة الفوضى وعدم تحمل المسؤولية، فهذا معناه أننا نحتاج لأن يدخل رئيس الوزراء بشخصه كل مؤسسات الدولة فى زيارات مفاجئة حتى يعود الانضباط إليها، وهنا- بطبيعة الحال- يقفز السؤال، أين كان وزير الصحة من كل هذا، خاصة أنه لم يكن بعيدا عن دولاب العمل الحكومى قبل توليه الوزارة، أى يعرف ألاعيب الموظفين وإهمال الأطباء فى المستشفيات؟، والسؤال هنا يمتد إلى باقى المسؤولين التاليين للوزير؟.

الحالة التى وجدها رئيس الوزراء فى معهد القلب ومعهد «تيودر بلهارس»، هى- وبكل أسف- حال باقى المؤسسات فى مصر، سنجدها فى المدارس والمستشفيات والوحدات المحلية وكل المؤسسات التى يذهب إليها المواطن من أجل قضاء خدمته، وليس من المنطقى أن ننتظر رئيس الوزراء كى يلف عليها جميعا من أجل ضبطها، وهذا هو ما يعنيه المواطن الذى فلسف على طريقته تحركات «محلب». تحركات محلب ستبقى جهدا فرديا يستحق الشكر ربما يختفى بخروجه من منصبه، وبالتالى فإن المطلوب هو وضع خطة طويلة وفاعلة لمعالجة الفساد والإهمال والتسيب.