"جبل الطير".. حكاية غريبة لخفير آثار يتقلب بين الواقع والخيال

السبت، 15 أغسطس 2015 12:00 ص
"جبل الطير".. حكاية غريبة لخفير آثار يتقلب بين الواقع والخيال غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عن "مكتبة الدار العربية للكتاب" بالقاهرة صدرت رواية عمار على حسن الجديدة "جبل الطير" فى ستمائة وأربعة وأربعين صفحة من القطع الصغير، وهى الرواية التى كان قد فرغ من كتابتها قبل عام تقريبا.

ويقول الكاتب "من قرأوا مخطوطة هذه الرواية وصفوها بأنها تفوق روايتى "شجرة العابد" التى رآها النقاد تسهم بقوة فى صناعة واقعية سحرية عربية، ومثل هذا الوصف يسعدني، لأن أكثر ما يضنى الكاتب ألا يكون جديده أقوى من سابقه".

لكن الكاتب نفسه يقول: "جبل الطير" تختلف عن روايتى "شجرة العابد" ليس فى النوع إنما فى العالم والمكان والمدى الزمنى وطبيعة الحكاية، مشيرا إلى أن "شجرة العابد" تنتمى إلى الواقعية السحرية بشكل لافت، حسبما رأى النقاد والقراء.

وتابع عمار :" لا تزال فى رأسى حكايات على درب الواقعية السحرية لم أكتبها بعد، وأتمنى أن يمنحنى الله عمرا وطاقة ووجدانا عامرا يمكننى من كتابتها فى المستقبل".

ووصف عمار الرواية بأنها خطوة جديدة على طريق إبداع "واقعية سحرية" تنهل من الميراث العربى الضخم فى هذا الاتجاه والذى أهمله الروائيون وكتاب القصة فى العالم العربى طويلا، وتنبهوا إليه أخيرا، وإن كان إنتاجهم السابق لا يتناسب مع ثراء التجربة العربية القديمة فى هذا المجال.

وقال فى لقاء مع قراء وعدد من شباب الأدباء إن نجاح رواية "شجرة العابد" التى قال عنها نقاد كبار إنها تعزز مسار الواقعية السحرية العربية المعاصرة شجعنى على أن أكتب رواية أخرى تنتمى إلى هذا اللون من الكتاب، فكانت "جبل الطير".

وعن ضخامة الرواية التى جاءت فى ستمائة وأربعة واربعين صفحة من القطع المتوسط قال عمار "كل رواية تختار لغتها وحجمها، والمهم ألا يكون هناك إشباع للسرد، أو إغراق فى تفاصيل لا تخدم مسار الرواية ولا تضيف إليه، وحين تكتب رواية عن هذا العالم الممتد والمركب فإن هذا الحجم لا يعد كبيرا أبدًا، والمهم هو متى يكتمل المعنى وتتم الحكاية".

والرواية هى رحلة خفير آثار فى التاريخ حين يناديه هاتف كل ليلة فيذهب خلفه إلى زمن بعيد، يخالط ناسه ويشهد على طقوسهم فى الأفراح والأتراح، ويكشف الأساطير والصراعات والمكابدات التى يصنعونها فى حياة مترعة بالتفاصيل، فتتاح له بهذا فرصة للمجاهدة والاجتهاد، فيما بعد، حتى يصير صوفيا ورعا يقع فى حب فتاة كانت مشروع راهبة، ومعا يواجهان صلف الواقع، وهما يرتحلان فى الزمان والمكان.

وتدور أحداث الرواية فى أماكن أثرية فرعونية ومسيحية وإسلامية بمحافظة المنيا خلال سبعينيات القرن العشرين، وهى حافلة بشخصيات غريبة، تصنع مع بطلها "سمحان" عالما مدهشا، يتصاعد دراميا بشكل محكم، وبلغة عذبة.

ويقول الناشر فى الكلمة التى كتبها على غلافها: "هذه الرواية تقيم جسرًا عريضًا بين الواقع والخيال، يجتازه القارئ فى يسر، عبر نسيج سردى مُحكم، يبدعه الكاتب بدأب فلَّاح، وتبتل ناسك، مانحًا شخوصه لحمًا ودمًا، يجعلها تتسلل من قلب التاريخ البعيد، لتدب على الأرض بيننا، وتشاكس البشر والشجر والحجر.. إنها رواية تطرح، ببراءة وبراعة، صورًا حياتية، وحالات إنسانية، شيقة وشائكة، تلامس الواقع بقسوته، والخيال بنعومته، فى حضرة الوجد والعرفان، وفى ظل تصالح الشك مع اليقين، لتصنع "واقعية سحرية" عربية، تلفت الانتباه بقوة".

تبدأ الرواية بطريقة جاذبة حيث تقول: "حين فتح الشيخ "سمحان" النافذة لم يجد الجبل مكانه. حملق بشدة مصارعًا جيوش النمل التى زحفت فى شرايينه، ثم عصر عينيه وفركهما بقسوة، وعاد ليرشق بصره فى كل شيء أمامه، والدهشة تملؤه، ممزوجة بالحيرة والخوف. وراح العرق يتفصد غزيرًا من جبينه رغم النسمة الباردة التى تهب عفية من الخلاء، وهو غارق فى كل ما قال له شيخه "عبد العاطي" قبل أن يغمض عينيه إلى الأبد".

وتنتهى بعبارة تقول "وبينما غاص جسمه بين ضفاف الرمل، ولم يبق سوى رأسه معلقًا فى وجه الحديقة البعيدة القريبة رأى رجلًا يشبهه، يقف عند ناصية الأرض، يلملم الريح فى عباءته، ويجذب الشمس من حبالها الذهبية، وتسقط فى كفيه، فيرميها على بحر أصفر ناعم، لتتدحرج ويجرى خلفها، غير عابئ بالعتمة التى أخذت تلف المكان، ولا بالسحاب الذى وقف عاجزًا فى بطن سماء حبلى بقناديل الفضة الشاحبة، بل مد أنفه ليسحب من نسائم رخية هبت بلا انقطاع، ورفع هامته مغمضًا عينيه كأنه يريد أن ينسى كل شيء، لينعم بحياة أبدية".

وبين البداية والنهاية تتوالى أحداث تأخذ من يطالعها إلى عوالم غريبة وعجيبة مفعمة بالدهشة، عبر أقسام رواية ذات معمار متماسك، تصطاد قارئها من أول مقطع فيها.

يشار إلى أن عمار على حسن، عضو اتحاد الكتاب ونادى القصة ونقابة الصحفيين، قد صدرت له روايات: "شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفي" و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل"، ومجموعات قصصية: "حكايات الحب الأول" و"أحلام منسية" و"عرب العطيات" و"التى هى أحزن"، وله كتابان فى النقد الأدبي: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا"، إلى جانب ثمانية عشر كتابا فى التصوف والاجتماع السياسي.



موضوعات متعلقة..


عمار على حسن: "صحوة مصر" متمسكة برمز "الشجرة" فى الانتخابات البرلمانية








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة