أسامة الزغبى يكتب: المنصورة... مستودع القوى الناعمة المصرية

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015 08:00 ص
أسامة الزغبى يكتب: المنصورة... مستودع القوى الناعمة المصرية مدينة المنصورة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أظن أنه لا توجد فى مصر كلها مدينة اختزلت اسم المحافظة التى تتبع لها مثلما فعلت مدينة المنصورة مع اسم محافظة الدقهلية التى هى عاصمتها. فجميع أبناء محافظة الدقهلية عندما يتم سؤالهم عن مسقط رأسهم يكتفون بالقول إنهم من المنصورة فى إشارة إلى محافظة الدقهلية بشكل عام. أعتقد أن سبب هذا الاختزال هى ما تُمثله هذه المدينة العريقة من تاريخ عظيم ومشرف لمصر كلها. لقد تم بناء هذه المدينة فى ظروف استثنائية عندما كانت مصر تحت حكم الأيوبيين تواجه الحملة الصلبية السابعة بقيادة "لويس التاسع" الذى تم أسره فى دار القاضى "ابراهيم ابن لقمان" ويُذكر أن زوجته "مرجريت" كانت قد أنجبت ولدا أثناء أسره فسماه "جان ترستان" ويعنى وليد الأحزان إشارة إلى هزيمته وأسره وهى أيضا من افتدته بمبلغ كبير من المال، وبسبب هذا النصر أنشد الوزير الشاعر جمال الدين بن مطروح الأبيات التالية:
خمسون ألفا لا يُرى منهم إلا قتيل أو أسير أو جريح
فقل هلم إن أضمروا عودة لأخذ ثأر أو لقصد قبيح
دار ابن لقمان على عهدها والقيد باق والطواشى صبيح

إذا هى مدينة لها تاريخ مشرف وعاصمة لأحد أكبر محافظات مصر من ناحية المساحة و كذلك عدد السكان. ولا يتوقف التاريخ العظيم لهذه المدينة على دحر الصليبين قديما فقط، بل يذكر التاريخ الحديث أنها كانت مسرحا لمعركة جوية كبرى دارت فى أجوائها فى 14 أكتوبر 1973 والتى تعد مفخرة للقوات الجوية المصرية.

تعد جامعة المنصورة أحد أكبر وأهم الجامعات المصرية ودائما ما تأتى فى مراتب متقدمة جدا فى تقيمات الجامعات ففى عام 2011 جاءت فى المرتبة الثالثة على مستوى مصر بعد الجامعة الأمريكية وجامعة القاهرة واحتلت أيضا المرتبة التاسعة على المستوى الأفريقى. يسطع بالمدينة أيضا مركز الدكتور غنيم لأمراض الكلى والكل يعلم كم لهذا الصرخ من تقدير عالمى. ولكن ليس العرض السابق عن تاريخ و حاضر المدينة هو السبب الذى حدا بى للكتابة والاحتفاء بهذه المدينة بل إن السبب الحقيقى هو ما تمثله هذه المدينة من مستودع للقوى الناعمة المصرية والإمكانات الفذة التى يتمع بها أبنائها فى جميع المجالات وأنا هنا لا أقصد البته التقليل من الإسهامات العظيمة لكل مدن و محافظات مصر الأخرى، ولكن عند تأملى لبعض الأسماء من أبناء هذه المدينة وما حولها من قرى وجدت أن قمم الإبداع فى مجالات كثيرة هم من أبنائها.. أدعوكم الآن لاستعراض بعض الاسماء التى أنجبتهم هذه المدينة لمصر فى جميع المجالات منهم مثلا وليس حصرا على مبارك أحد مؤسسى نهضة مصر الحديثة والشيخ متولى الشعرواى والإمام الأكبر جاد الحق وسيد النقشبندى ونصر الدين طوبار وأستاذ الجيل أحمد لطفى السيد والكاتب الكبير أنيس منصور والأثرى العظيم سليم حسن والدكتور أحمد مستجير والعالم فاروق الباز والأستاذ سعد الدين وهبه والأديب والسياسى محمد حسين هيكل صاحب رواية زينب التى تعتبر أول رواية مصرية والتى نشرها لأول مرة فى عام 1914 تحت اسم "فلاح مصرى"، وكذلك المؤرخ الكبير محمد عبد الله عنان مؤلف موسوعة "دولة الإسلام فى الأندلس"، وفى مجال الرياضة أنجبت بعضا من أبرز نجوم كرة القدم مثل طاهر أبو زيد ومحمود الخطيب.

ولكن ومع تعدد الأسماء التى يمكن أن نحصيها لمبدعين من أبناء هذه المدينة العريقة فى كل المجالات يظل مجال الفنون والآداب والذى يمثل ـ ولا أظن أن أحداً يختلف على ذلك ـ أبرز مظاهر قوة مصر الناعمة والمؤثرة فى محيطها العربى هو المجال الذى أنجبت له مدينة المنصورة أبرز مبدعيه منهم مرة أخرى مثلا لا حصرا الشعراء محمود على طه و ابراهيم ناجى صاحب قصيدة "الأطلال" ونجيب سرور وعفيفى مطر وكلا من كمال وكامل ومأمون الشناوى ورياض السنباطى وزكريا الحجاوى ومحمد التابعى الذى لُقب بأمير الصحافة ورائد المسرح الواقعى نعمان عاشور والقاص الدكتور محمد المخزنجى والإعلامية القديرة ليلى رستم وصفاء ابو السعود والزعيم عادل إمام وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وكوكب الشرق أم كلثوم ويحيى الفخرانى ويونس شلبى والضيف أحمد وخالد النبوى وحسن فايق وحسن الإمام وحسين الشربينى وحاليا حلمى النمنم وزير الثقافة فى الوزارة الجديدة. من كل ما سبق أظن أنه يحق لهذه المدينة أن تتيه فخرا بكونها المستودع الأكبر للقوى الناعمة المصرية. أتمنى فى مستقبل قريب أن يجبب لنا باحثا ما عن سر هذا التميز فلربما كان للجغرافيا أو للتاريخ تأثيرا أو إلهاما ما.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة