سعيد الشحات

واحة الغروب «2»

الإثنين، 03 يوليو 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بين القادمين من القاهرة إلى واحة سيوة وأبناء الواحة، دارت دراما مسلسل «واحة الغروب»، وتم تقديمها بحرفية عالية.
أذكر أننى حين قرأت الراوية فور صدورها للمرة الأولى عن دار الهلال، عام 2006، تخيلتها كسيناريو مكتوب يعادل لغتها الروائية الشاعرية، وينقل أحداثها التاريخية، والأهم هو حالة الانكسار لأبطالها، فالضابط «محمود» مهزوم فى حلمه العام بهزيمة الثورة العرابية، ويلخص حياته فى معنى عميق: «مسرات قليلة وأحزان ثقيلة، ما الذى نملكه غير هذه الحياة؟ يجب أن نعيشها حتى آخر لحظة»، و«مليكة» التى تذهب ضحية عادات الواحة القاسية، رغم أنها وكما يصفها خالها «يحيى»: «أجمل بنات الواحة وأذكاهم تتكلم كالكبار، وتصنع ما لا يصنعه الكبار، تصنع من طين الأرض طيورا، ومن الصلصال تماثيل صغيرة»، والشيخ «يحيى» أحد كبار الواحة المستنير، قياسًا على بيئته، والذى اعتزل أهله وكل شىء حزنًا على موت «مليكة»، و«كاثرين» المهزومة بضياع حلمها فى العثور على مقبرة الإسكندر الأكبر، بالإضافة إلى تعاستها بالزواج من «محمود».
 
لا تقتصر حالة الانكسار على هذه الشخصيات الأربع، بل تمتد إلى معظم شخصيات الرواية، وعليه فإن نقل هذه الحالة إلى صورة سينمائية تطلب مهارات فائقة لفريق العمل، واستعدادًا إنتاجيًا كبيرًا، وهو ما حدث بالفعل، والدليل هذا الجمال الذى رأيناه فى كل أركان المسلسل، مما يؤهلنا لأن نصدق المخرجة الموهوبة كاملة أبوذكرى حين تقول إنها استغرقت أكثر من سنة فى البحث والتدقيق من أجل اختيار الأزياء والديكورات المناسبة، ونصدق «العدل جروب» كجهة إنتاج حين يقول مدحت العدل، أحد أعمدتها: «نفقات العمل تكلفت 80 مليون جنيه»، وأصدق قول الرائع أحمد كمال الذى جسد دور الشيخ يحيى: «قرأت الرواية 12 مرة قبل أن أجسد الدور».
 
أصدق أى قول يذكره وسيذكره كل أبطال المسلسل حول استعدادهم للعمل، بدءًا من الرائع خالد النبوى فى دور الضابط «محمود»، بما حمل من تحولات لخصها فى نهاية المسلسل بقوله محدثًا نفسه: «كل الحكمة لا تفيد أن تهدى الراحة إلى القلب، الغلطة فى الحياة بالفعل أنا»، وكذلك الرائعة منة شلبى التى أقنعتنا بأننا أمام «أيرلندية» حقًا، ثم الأردنية ركين سعيد التى جسدت دور «مليكة» بكل براءتها، والرائع سيد رجب، وكل باقى الممثلين الذين أبهرونا بأدائهم المتمكن، يصاحبه موسيقى تدخل القلب دون استئذان، كذلك المقدمة الغنائية الفائقة الجمال فى الكلمات والصوت واللحن: «والله فراق الحبايب مر يوجعنى» غناء تامر الفشنى، حفيد الشيخ طه الفشنى، ولحن تامر كروان، وكانت الأغنية مناسبة تمامًا لأجواء الصحراء بما تحمله من حتمية الصبر على قسوة الحياة، والإيمان بالقدر، والتسليم بما هو آت.
 
هناك من رأى أن المسلسل كان بطيئًا فى أحداثه ونقلاته، وأرى أن هذا كلام مبالغ فيه، فنحن أمام دراما تدور فى بيئة صحراوية، وإيقاع الحياة فيها له سماته الخاصة، التى تختلف جذريًا عن أى بيئة أخرى، ومن هنا فإن البطء الذى يتحدث عنه البعض- إن كان موجودًا- هو أسلوب حياة للبيئة التى يدور فيها الحدث، كما تحدث البعض عن أن لغة الحديث فى الواحة كان يجب أن تكون هى نفس لغة أهلها، وهذا قول مفتعل.   
 
وختامًا.. أقدم التحية لكل أسرة هذا العمل، وتحية خاصة لجهة الإنتاج التى أدعو الآخرين أن يحذوا حذوها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة