سعيد الشحات

ذكرى عبدالناصر و«تحالف غسل الأدمغة»

السبت، 30 سبتمبر 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدد «تحالف غسل الأدمغة» فى تشويه جمال عبدالناصر وظيفة كل عضو من أعضاء الحلف، ولأن تجربة الرجل كانت هائلة وعظيمة، وأحدثت تغيرا جوهريا ليس فى مصر وإنما فى المنطقة العربية وكل دول العالم الثالث، كان التحدى كبيرا ويتطلب جهدا خارقا من أعضاء هذا التحالف كى ينجحوا فى مهمتهم.
 
نشطت جماعة الإخوان كأحد أعضاء هذا الحلف فى التوسع بلا حدود فى الحديث عن المظلومية التاريخية التى تعرضوا لها كجماعة، وتبرئة نفسها من أى فعل متهمة بارتكابه، وكانت محاولتها اغتيال جمال عبدالناصر التى أقدمت عليها فى ميدان المنشية بالاسكندرية عام 1954 هى أيقونتها فى لعبة «غسل الأدمغة»، وذلك بادعائها أنها من تدبير جمال عبدالناصر، كى يتخذها مبررا للقبض على الجماعة والتخلص منها بوضعهم كوادرها فى السجون.
 
مضت الجماعة إلى سيناريوهات محبوكة تكاد تنزع الدموع ممن يستمع إليها أو يقرأ عنها دون وعى كامل بالحقيقة، وذلك لإثبات مزاعمها، وحين أعود سنوات إلى الوراء وأتذكر كم أنفقنا وقتا فى مناقشة الهراء الذى كان يذكره أعضاء الجماعة فى هذه القضية، أتعجب من هذا الانغلاق فى الفهم ورفض صحيح التاريخ، وهو الأمر الذى مازال مستمرا.
 
وفى هذا السياق أتذكر ندوة كنت حضرتها للشيخ عمر التلمسانى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1980 فى بداية دراستى الجامعية.كان الحشد هائلا، وفتح الرجل النار على ثورة يوليو وعبدالناصر، قال: السد العالى خطأ، وتأميم قناة السويس خطأ، والقطاع العام خطأ، والإصلاح الزراعى خطأ، واغتيال جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية تمثيلية، ولاحظت وقتها أنه كان يختم قوله بكلمة «والله أعلم»، وحين قام بعض الطلاب للرد عليه كان طلاب الإخوان الذين يغطون أرجاء القاعة يكادوا يفتكوا بمن يعارض الرجل، وقد تسألنى عزيزى القارئ عن سبب ذكر هذه القصة رغم مضى 37 عاما عليها، وأجيب: أننى خرجت يومها من الندوة فى صحبتى صديقا لى فى الكلية من المنيا، وكان شعلة حماس وطنى إلى درجة أنه وهو قادم إلى القاهرة فى القطار لبدء عامه الدراسى الأول، اقنع زملائه القادمين معه بتكوين جماعة باسم «الدفاع عن مصر»، ولم تكن جماعة الإخوان فى حيز تفكيره إطلاقا، غير أنه وبعد أن استمع إلى التلمسانى بدأت رحلة تحوله التى انتهت إلى أن يكون واحدا من أقطاب الجماعة الإسلامية فى محافظته ولولا الحياء لاتهمنا بالكفر.
 
ظلت هذه القصة فى ذاكرتى كنموذج لما أسفرت عنه عملية «غسل الأدمغة» التى كانت تسير بهمة ونشاط تحت سمع وبصر أجهزة الدولة وقتها، وبالطبع يمكن إرجاع حالة صديقنا والحالات الشبيهة بها إلى أسباب إضافية أخرى، لكن لا يمكن تجاهل تأثير مثل هذه الرسائل التى ذكرها «التلمسانى» حتى لو كانت قشرية تفتقد إلى أى حجج تاريخية، وفى هذا أقول: علينا أن نحسبها بطريقة بسيطة لنصل إلى عدد الشباب الذين تأثروا بمثل هذا الأسلوب، وعلينا أن نحسبها أيضا لنعرف عدد هؤلاء الذين تأثروا بكم الشرائط لخطباء مساجد، وكان يتم توزيعها على نطاق واسع، وأيضا بما فعله نموذج مثل الشيخ عبدالحميد كشك وأسلوبه فى الخطابة على المنبر حيث يكفر الجميع، وكان تصييته إعلاميا من الإخوان والجماعات المتطرفة بالرغم من سطحية مضمون خطبه يصب فى عملية»غسل الأدمغة».
 
حاصل كل ذلك أنه أصبح لدينا أدمغة أغلقت نفسها على «معرفة قشرية»، وكلما حلت ذكرى لعبدالناصر تجدد أكاذيب حصدنا بسببها كوارث هائلة فى حق مصر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة