أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: اختلال استثنائى فى مجتمع طبيعى.. الجريمة دون تهوين أو تهويل

السبت، 25 يونيو 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما نتحدث عن حوادث أو جرائم فى المجتمع، فإننا نتحدث عن استثناءات واختلالات نفسية أو ميول إجرامية فردية، فى مجتمع طبيعى متعدد ومتنوع، مع الاعتراف بأنه لا توجد مجتمعات مثالية فى الماضى ولا الحاضر، وأن الارتفاع الكمى للجرائم يرتبط بزيادة عدد السكان، وعلى مدى التاريخ وجدت قوانين العقوبات التى تطبق على من يخالفون القانون، أو يرتكبون جرائم، وليس على الجميع، والعقوبات تمثل رادعا، لكنها لا تمنع الجريمة، وهذه الظاهرة فى العالم كله، وعندما نقول فى العالم، لا نسعى للتبرير ولكن لتقرير حالة إنسانية، حيث تمثل الجريمة انعكاسا لميول إجرامية لدى مرتكبيها، خاصة أن بعض هذه الجرائم تتم بتخطيط وإصرار لدى المجرمين، وفى حالة جريمة المنصورة فالأمر بين يد القضاء وجهات التحقيق، لكن من واقع الحال نحن أمام متهم يبرر جريمته بشكل يشير إلى ميل إجرامى خارج السياق الطبيعى.
 
لكن هذه الواقعة، وغيرها من الحالات التى تزامنت معها، أو الوقائع التى جرت، من إنهاء حياة، أو جرائم عائلية أو عادية، تمثل حالات تتكرر يوميا بأشكال مختلفة، لكنها تتخذ مع اتساع منصات النشر والتعليق نوعا من النقاش، يتجاوز القلق أو البحث عن حل، إلى حالة من الهستيريا وتبادل الاتهامات والعنف اللفظى والانقسام بين جمهور هو نفسه متنوع. 
 
وبقدر ما تزدحم مواقع التواصل بالكلام والتحليل، بقدر ما تحتوى على زحام من الجدل والعنف اللفظى، بل يصل الأمر أحيانا إلى تبرير للجرائم، ومهاجمة الضحية وإدانتها، وتجاهل الأسباب الخاصة بالمتهمين، ويصل الأمر بالبعض إلى تجاوز التبرير إلى التحريض على الجريمة، واتهام الضحايا أنهم السبب، ويصدر هذا ممن يزعمون الفهم فى العقيدة أو الأخلاق، ويبررون جرائم القتل أو التحرش ومنهم من يختصر المرأة فى ملابسها، متجاهلين تنوع المجتمع المصرى وكون الملابس فى المجتمعات الأخرى ليست مبررا، بل إن دولا مثل الولايات المتحدة، تشهد جرائم متنوعة وهجمات وقتل فى مدارس وجامعات، دون أن يكون فى الأمر ملابس أو أى نوع من العلاقات بين الجانى والضحايا. 
 
والجريمة هنا مثال، لكن الأمر ينتقل إلى مواقع التواصل، وكيف يسارع البعض بنشر فيديوهات الجرائم وارتكابها ويصورون المجتمع على عكس طبيعته، أو يمارسون نوعا من الجرائم، ومن هؤلاء بعض الحسابات التى نشرت فيديو الاعتداء على الفتاة، أو غيرها من الجرائم، وقبلها كانت مواقع التواصل مكانا لنشر أنواع من الجرائم الوهمية، أبرزها مزاعم تخدير الفتيات، من خلال إبرة أو دبوس، والتى ثبت عدم صحتها، ومع هذا انخرط كثيرون فى إعادة نشر هذه الحوادث الوهمية وتحليلها، وهو أمر يساعد فى نشر رعب غير مبرر، ويصور المجتمع على عكس طبيعته. 
 
ونفس الأمر فيما يتعلق بلجوء بعض المدعين وعشاق التريند إلى نشر قصص وهمية عن أنفسهم / أنفسهن، وادعاءات التعرض لأخطار أو تهديدات يتضح أنها غير حقيقية، بل وهناك بعض الشائعات حول مصائر شخصيات، تتحول إلى وقائع يطالب البعض بالحقيقة حولها بينما لا يوجد حدث من الأصل، واللافت للنظر أن الأمر لا يتوقف على أفراد أو هواة شهرة، لكنه يمتد إلى معلقين يفترض أنهم عقلاء ولديهم نوع من الوعى، ينخرطون فى الانضمام إلى حملات وهمية تضاعف من نشر الرعب والخوف فى المجتمع، بل وتصدر صورة غير حقيقية عن المجتمع المصرى، والذى يعتبر من المجتمعات الآمنة على عكس مدن ودول أخرى كبرى لا يمكن التحرك فيها بعد أوقات معينة ليلا. 
 
لا أحد مع التجاهل أو التبرير، لكن فقط مع التعامل مع كل واقعة بحجمها، ومجتمع 105 ملايين، متنوع ومتعدد، يضم أغلبية طبيعية، واستثناءات واختلالات، علينا أن نبحث فيها دون أن نصدرها كظواهر تضاعف من مشاعر الرعب فى المجتمع، أو تصدر صورة غير حقيقية وطاقات سلبية.
 
p.8









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة