"دعوات التهجير" أبعاد المخطط الجديد لـ"إعادة تدوير" الفوضى فى الشرق الأوسط.. تجريد فلسطين من حلفائها وشعبها لتقويض "حل الدولتين".. والهدف يمثل امتدادا لحقبة "الربيع العربي" لتهميش القضية لصالح المخاوف الأمنية

الأحد، 22 أكتوبر 2023 03:00 ص
"دعوات التهجير" أبعاد المخطط الجديد لـ"إعادة تدوير" الفوضى فى الشرق الأوسط.. تجريد فلسطين من حلفائها وشعبها لتقويض "حل الدولتين".. والهدف يمثل امتدادا لحقبة "الربيع العربي" لتهميش القضية لصالح المخاوف الأمنية قطاع غزة
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى تحظى فيه القضية الفلسطينية بحالة من الزخم، فى ظل العدوان الإسرائيلى الحالى على قطاع غزة، والانتهاكات المتزايدة التى ارتكبتها قوات الاحتلال، وأبرزها قصف المنشآت المدنية، وما أسفر عنه من سقوط ألاف الضحايا، خاصة من النساء والأطفال، فى إطار حملة انتقامية، من شأنها تقويض أى أفق سياسى لحل الأزمة واحتواء الموقف، تتجلى على الساحة دعوات "التهجير"، التى أطلقتها سلطات إسرائيل، تحت ذريعة القضاء على الميليشيات المسلحة، وهو الأمر الذى يحمل فى طياته أهدافا أبعد من مجرد الهدف المعلن، فى ظل التداعيات الكبيرة لمثل هذه الدعوات، سواء على القضية الفلسطينية، أو على دول الجوار، أو حتى على الدولة العبرية نفسها، فى ظل استمرار النزعة العدائية، التى تمثل تهديدا صريحا لأمنها.

ولعل الحديث عن دعوات "تهجير" الفلسطينيين من أراضيهم، يمثل فى جوهره، مخططا يهدف إلى تجويف القضية برمتها، عبر مسارين رئيسيين، أولهما من خلال نشر الفوضى داخل الدول المؤيدة لحق الفلسطينيين، فى تأسيس دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بينما يقوم المسار الثانى على تفريغ الأرض من مواطنيها، فتفتقد الدولة المأمولة لأهم عناصرها، وهو الشعب، على اعتبار أن أركان الدولة هى الأرض والسلطة الحاكمة والمواطنين، وهو ما يعكس حقيقة مفادها أن الدعوة التى أطلقتها إسرائيل تتجاوز مجرد القضاء على الميليشيات التى تهددها، إلى حد القضاء على القضية، وتقويض الشرعية الدولية المتمثلة فى حل الدولتين.

فلو نظرنا إلى المسار الأول، والذى يتجسد فى نشر الفوضى فى دول الجوار، وعلى رأسهما مصر والأردن، باعتبارهما الأكثر تأثرا بمثل هذه الدعوة، فنجد أنها بمثابة محاولة لـ"إعادة تدوير" الفوضى والتى اندلعت فى دول المنطقة جراء "الربيع العربي"، مع بداية العقد الماضى، إثر مؤامرة دولية حملت فى ظاهرها شعارات براقة، على غرار الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما كانت تهدف فى الأساس إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها، مما يساهم فى تغيير الأولويات الإقليمية، عبر تحويل تركيز دول المنطقة نحو حماية حدودها فى مواجهة ما يحيط بها من مخاطر الإرهاب والانقسام والحروب الأهلية، ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى آلت إليها الأمور خلال السنوات الماضية.

بينما كانت فلسطين أحد أبرز أهداف "الربيع العربي"، والذى ساهم مرحليا فى تراجعها، لصالح المخاوف الداخلية لدى كل دولة، مما فتح الباب أمام القوة القائمة بالاحتلال وحلفائها، نحو مزيد من التسويف والمماطلة، فيما يتعلق بحلول الوضع النهائى، وبالتالى انفجار الأوضاع بين الحين والأخر، فى ظل التصعيد المتواتر، خاصة فى قطاع غزة، ليقتصر الاهتمام فى نهاية المطاف، على خفض التصعيد، أو احتواءه، حال حدوثة، بينما يبقى "حل الدولتين"، مجرد "حبر على ورق"، لا يمكنه أن يتحقق فى ظل الأوضاع التى كانت قائمة.

ولكن يبدو أن التغيير الكبير فى الإقليم، منذ ثورة 30 يونيو، ما تلاها من مستجدات، أسفرت عن استعادة الاستقرار، فى العديد من دول المنطقة، ودحر الإرهاب، ناهيك عن إصلاح العلاقات الإقليمية، وهى القضايا التى لعبت فيها مصر الدور الأبرز، ساهم فى استعادة التركيز على فلسطين، فأصبح "إعادة التدوير" بمثابة حاجة ملحة، لدى الاحتلال وحلفاءه، عبر خلق إطار جديد للفوضى، من خلال تهجير الفلسطينيين، وتحويل ساحة الصراع معهم من الأرض المتنازع عليها، إلى دول الجوار، وهو ما يساهم تأليب مؤيدى القضية عليها، جراء ما باتت تمثله من تهديد مباشر، سواء أمنيا أو سياسيا أو اقتصاديا.

 فى حين أن المسار الآخر، يبدو متجسدا فى إخلاء الأرض من أهلها وهو ما يعنى تفريغ الدولة من أهم أركانها، وهو الشعب، وهو ما يمثل "الضربة القاضية" للقضية الفلسطينية برمتها، عبر تقويض الأمل فى تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يعد بمثابة "شهادة وفاة" لحل الدولتين.

وهنا نجد أن دعوات التهجير التى أطلقتها إسرائيل هى بمثابة محاولة لتقويض الحق الفلسطينى، عبر تجريد الدولة المأمولة من شعبها، عبر إخلاء الأرض من مواطنيها، من جانب، وكذلك من حلفائها، إثر تغيير بوصلة أولوياتهم مجددا بما يلاحقهم من تهديدات، جراء انتقال دائرة الصراع إلى أراضيهم، وهو ما يمثل خطورة كبيرة، على مستقبل القضية، ومنعطف خطير فى تاريخها فى المرحلة الراهنة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة