دندراوى الهوارى

إسرائيل.. فكرة لتغيير التاريخ والجغرافيا.. وشطب شعب من سجل الوجود الإنسانى!

الأحد، 24 ديسمبر 2023 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إسرائيل مجرد «فكرة» راودت الحركة الصهيونية، وأرادت تنفيذها على الأرض وتسويقها على أنها دولة «يهودية ديمقراطية» فى تناقض مرعب بين «الفكرة» والمخطط والتنفيذ، فلا يمكن لعقل أن يقبل بدولة تنشد الحرية والديمقراطية، ثم تحتل أراضى الغير، وشطب شعب من سجل الوجود الإنسانى، بارتكاب مجازر بشرية، وتهجير قسرى، وحصار، وتحويل كل ما تبقى من أراضى هذا الشعب إلى سجن كبير.
 
هذه الرؤية ليست من بنات أفكارى، وإنما شهادة ابن الفكرة الصهيونية «إيلان بابيه» المولود فى «حيفا» وخدم فى الجيش الإسرائيلى وشارك فى حرب أكتوبر 1973 فى هضبة الجولان السورية المحتلة، والأهم أن «بابيه» خرج من رحم الحركة الأكاديمية، المنوط بها أن تجد المبررات العلمية والأكاديمية التاريخية لاغتصاب الأراضى الفلسطينية وتهجير قسرى لسكانها.
 
ورغم ذلك، كفر الرجل بالفكرة وممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضد الفلسطينيين، وأعلن ذلك بوضوح فى كتابه الشهير «التطهير العرقى لفلسطين» والذى اعترف فيه بأن «حرب الاستقلال» الإسرائيلية هى عبارة عن تطهير عرقى بشعة، وتتسق تماما مع مسمى «النكبة»، ولم يكتفِ «بابيه» بذلك، وإنما قرر تفنيد وتحطيم أسطورة إسرائيل الدولة الديمقراطية الحديثة، من خلال تكسير وتفنيد «الفكرة» فى كتابه الأشهر «فكرة إسرائيل.. تاريخ السلطة والمعرفة» والذى عبر فيه عن دراسة عميقة، تتحدى ما تحاول الحركة الصهيونية أن تصوره عن فلسفة وجود إسرائيل، وضرورة وجودها، وكونها فكرة تساير الحداثة.
 
«إيلان بابيه» فى كتابه، حاول أن يقول «لا» لإسرائيل ويكشف بالحجة والمنطق والنظريات العلمية الأكاديمية، هذه «الفكرة» ووصفها بأنها قامت على «خلل استراتيجى» تمثل فى تصور رومانسى غير حقيقى لأرض صحراوية فارغة لا يسكنها أحد، يأتيها شعبها المشرد منذ قديم الزمن ليعيد بناءها على أسس الحضارة الغربية الحديثة!
 
ويؤكد «بابيه» أن هذه الفكرة يؤمن بها المستوطنون اليهود الأوائل الذين جاءوا إلى هذه الأرض، فى جهل صارخ بأن هذه الأرض يسكنها شعبها الحقيقى «الفلسطينيون» بحضاراته وجذوره الضاربة فى عمق تاريخ هذه الأرض.
 
ويأخذنا المؤرخ «إيلان بابيه» فى كتابه، إلى جذور التناقض الصارخ وبشكل عميق، بين الفكرة والدولة، من ناحية، والتاريخ والواقع من ناحية ثانية، شارحا مسيرة هذه الفكرة، منذ كانت مجرد مشروع، وصارت فكرة تدافع اليوم عن وجودها ممثلة فى الدولة والكيان، بدءا من سعيها الحثيث لتغيير التاريخ بالقوة، وتغيير فى الخرائط الجغرافية، واختراع أدب وثقافة تلتصق بأرض ليست أرضها الطبيعية، وصولا إلى تحويلها إلى سلعة ومشروع إعلامى يتم تسويقه فى العالم بآلة إعلامية قوية مستعرة، لإقناع نفسه أولا قبل العالم، أن مشروع الدولة ولد من رحم طبيعى، وأن إسرائيل فكرة إنسانية طبيعية وفى سياق تاريخى طبيعى.
 
اللافت كما يقول «بابيه» إنه وفى ظل هذا السعى القوى لترسيخ المشروع واعتباره أمرا واقعا، لا يخلو من المتناقضات الشديدة، حتى وإن بدت طريفة فى إسلوب تطبيقها وطريقة التعاطى معها وتسويقها.
 
الحقيقة المؤكدة أن «إيلان بابيه» خرج من عباءة الصهيونية ليعريها ويكشف عوراتها، ويضرب فى عمق أفكارها ويفندها، ويجزم بما لا يدع مجالا لشك، أن وجود إسرائيل ككيان لا يتسق مع السياق التاريخى الصحيح، فالحق والعدل لا يتفقان مع محاولات الصهيونية، بالأمس، والنيوصهيونية، اليوم، فرضه من أفكار، بشطب شعب من سجل الوجود الإنسانى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة