دندراوى الهوارى

مصر «مطافئ» حرائق المنطقة.. تضحية وعمل شاق لإنقاذ الإنسانية

الأحد، 31 ديسمبر 2023 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المتأمل للمشهد الإقليمى والدولى، والقارئ للوضع على كل المحاور الاستراتيجية للدولة المصرية، وإلى أبعد نقطة على خريطة الأمن القومى المصرى، يصاب بالهلع من حجم الأزمات والنيران المشتعلة، سواء على الحدود المصرية المباشرة فى الجنوب والغرب والشمال الشرقى، أو فى الدوائر المحيطة فى البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، والتهديدات الخارجية بقسوة وعنف على مناطق النفوذ المصرى والعربى أيضا فى هذه المناطق!
 
تعالوا نقر حقيقة مؤكدة، أنه وفى عام 2023 شهدت مصر - ولأول مرة فى تاريخها القديم والحديث والمعاصر - اشتعال حدودها الجنوبية والشرقية ومن قبلهم كانت الغربية المفتوحة على كل السيناريوهات، بجانب اشتعال الأوضاع فى محيطها الإقليمى، ما دفعها إلى أن تمارس دور «رجل المطافئ» الذى يتمتع بيقظة شديدة وفى كل الأوقات، والقدرة على التحرك سريعًا وتكثيف الجهود لإطفاء النيران وتبريد الملفات الساخنة لإنقاذ الأرواح والممتلكات، وتقليل الخسائر بكل الوسائل الممكنة.  
 
فى 2023 اندلعت الحرب السودانية الداخلية بين رفقاء الأمس، زادت من أوجاع السودان الشقيق الطيب والمكلوم، الذى يشهد ارتكاب كل الموبقات الإنسانية، من قتل وتهجير وسلب ونهب وتوقف كل وسائل الحياة، ما دفع البعض من نخب أبنائه إلى التفكير فى طرح مبادرات استدعاء الخارج لإنقاذ الداخل، فيما يعرف بمبادرة «الوصاية الدولية» لمدة عشرة سنوات يكون السودان خلالها تحت رعاية مجلس الأمن الدولى مباشرة!
 
مأساة السودان موجعة لمصر، على كل المستويات والأصعدة، أبرزها العامل الإنسانى الذى تشاهد فيه أبناء الوطن الواحد يدفعون ببلادهم إلى مستنقع الفوضى، وإعلاء مصالح سياسية ضيقة، فوق مصلحة الوطن العليا، لذلك مصر اضطرت إلى استقبال الفارين والنازحين هربا من الموت، من منطلق التزام الشقيقة الكبرى حيال الأشقاء، دون النظر لحسابات معقدة، وتبذل جهودا مضية لإيقاف المعارك.
 
أما النار المشتعلة والتى تهدد باندلاع شرارتها لدول الإقليم، فهى المشتعلة فى غزة، على الحدود الشمالية الشرقية، وما تمارسه إسرائيل من جرائم حرب بربرية، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، حتى ولو على حساب كل شعوب المنطقة، باعتبار أن إسرائيل تمتلك صك العربدة فى المنطقة دون رقيب من المجتمع الدولى، أو حسيب من القانون والأعراف الدولية، وهنا مصر ظهرت كرجل المطافئ اليقظ وسريع البديهة، ومارست دبلوماسية خشنة تارة، ورسم خطوط حمراء وإظهار قوتها الناعمة تارة ثانية، والإصرار على تقديم كل الدعم للأشقاء الفلسطينيين، فحجم ما قدمته مصر يقترب من 80% من حجم المساعدات المقدمة لقطاع غزة، بجانب تسخير وتوظيف تأثيرها إقليميا ودوليا لمنع تصفية القضية.
 
نجاح مصر حتى الأن منفردة، فى منع تصفية القضية، وما تبذله من جهود خارقة، يمثل علامة فارقة فى تحديد مصير القضية الفلسطينية، وأن التاريخ وكعادته، سيسجل دور مصر المحورى فى مساندة ودعم الأشقاء ومنع طمس القضية من فوق الخريطة الجغرافية، والتهجير القسرى للغزاويين، بأحرف من نور.
 
وإعلاء لشأن الحقيقة المجردة، الخالية من كل شوائب الرياء، أن مصر تخوض معارك حامية الوطيس، متسلحة بنظام سياسى قوى قارئ جيد للخرائط ومدرك للملفات الساخنة، ولديه تقديرات موقف دقيقة للشأن الدولى، وقدرة متميزة على تطبيق نظرية الصبر الاستراتيجى، ورسم الخطوط الحمراء عندما يحتاج الأمر لتدشينه، كما بلغت من النضج والحكمة فى مواجهة الأزمات مهما كان حجمها، مرتبة عالية، لذلك ظهرت الدولة المصرية فى أزمة حرب الإبادة الوحشية على غزة، بكياسة وفطنة وحكمة القوة، ورجل المطافئ الذكى القادر على إنقاذ الأرواح والممتلكات، وكأنها تستخرج من مخزونها الحضارى والثقافى المتجذر فى أعماق التاريخ، لتقول للعالم أجمع وبصوت جهورى: «أنا مصر أول من أسس جيشا على وجه الأرض، وأول من وقع معاهدة سلام مكتوبة، وأول من عرف الطب والكيمياء والفلك والزراعة والرسم والنقش، بينما كان يغرق العالم فى الظلام».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة