أكرم القصاص

لا صفحات بيضاء ولا منجمين.. عام جديد فى عالم «عدم اليقين»

الإثنين، 01 يناير 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد حدود فاصلة بين عام وآخر، لا مفتاح يُغلِق عامًا ذاهبًا، ليفتح عامًا جديدًا، ويصنع صفحةً بيضاء يبدأ فيها الكتابة من جديد، لا توجد صفحات بيضاء ولا سطر نبدأ الكتابة من أوله، وأى توقعات لعام جديد، لا تنفصل عن التفاصيل والتحولات التى شهدها العام المنصرم.
 
2023 أحد الأعوام الكبيسة التى عشناها على مدار أكثر من عشرة أعوام، ويختزن المزيد من الأحداث، وفى الربع الأخير منه بدأت أحداث غزة، بكل تفاصيلها، عدوان متواصل غير مسبوق، وتداخلات وتقاطعات إقليمية ودولية تضاعف من تعقيد المشهد، وتجعل من الصعب رسم سيناريو واحد، بل اتضح الكثير من الاحتمالات فى كل اتجاه.
 
عندما اندلعت الحرب فى أوكرانيا، وصفها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بأنها أزمة «عدم يقين» تجتاح العالم، وتقود إلى تحولات أكثر مما قد يبدو على السطح، حيث إن العالم مفتوح أمام بعضه، وكل الأرقام والأوضاع معروضة لا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها، والأزمة العالمية المركبة معروضة بتفاصيلها، تتفاعل تداعيات كورونا مع حرب أوكرانيا، التى خلفت تأثيرات كبيرة فى أسواق الطاقة والحبوب، وولدت المزيد من الركود وارتفاعات الأسعار، والتضخم بما ضاعف من معاناة الطبقات الوسطى والمستهلكين.
 
إقليميا انضمت الحرب على غزة إلى قائمة الأزمات الكبرى بتأثيراتها وانعكاساتها، وتحدياتها، واحتمالات اتساع الصراع إقليميا، كانت للحرب على غزة - وما زالت - تأثيرات مباشرة وغير مباشرة، خاصة على دولتىّ الطوق، «مصر والأردن»، وشهدت تداعيات وتطورات استدعت الكثير من الحذر والمواجهة من قبل الدولة المصرية، الأزمة متشابكة، واستدعت تحركًا فى كل الجبهات من قبل الدولة المصرية، لمواجهة مخططات ومحاولات لتصدير الأزمة، وتصدت مصر بخطوط حمراء، وخاضت أكثر من حرب على أكثر من جبهة، وتعاملت بتوازن ودقة فى أزمة تمثل فيها المعلومات زاوية الحركة، خاصة مع ازدواج وعجز النظام العالمى، والمنظمات الدولية.
 
تزدهر ظاهرة المنجمين، فى نهاية كل عام وبدايته، وتنتشر برامج ضرب الودع وقراءة الطالع، ورغم أن أغلب - إن لم يكن كل - توقعات المنجمين والمنجمات لا تتحقق، لا يتراجعون، والناس لا تتوقف عن مراجعة ما تحقق وما لم يتحقق، لكنهم ينخرطون فى شؤونهم بكل عمق، ليواجهوا واقعًا لا يتطلب الكثير من التنجيم، لكن المفارقة أنه فى أوقات غياب اليقين تسود التوقعات والتنجيم وتزدهر عمليات الضرب والقسمة، بحثا عن أى تصور. 
 
وعلى مدار السنوات الماضية، كانت المفاجآت تنسف تنجيمات المنجمين، لم يتوقع خبراء التنجيم نهاية عام 2019 أن عام 2020 سوف يشهد اجتياح فيروس كورونا للعالم، والذى استمر عامين، وفرض توقفًا فى الطيران والسفر، وفرض حصارًا اختياريًا على البشر، وانشغل العالم بلقاحات وإجراءات احترازية، وقبل أن يفيق من تداعياته، اندلعت الحرب فى أوكرانيا. 
 
المفارقة أنه بعد انتهاء الخطر الكبير لكورونا، ما زالت التساؤلات حول طبيعة الفيروس، وما إذا كان طبيعيا؟ أم مُصنّعا؟ وما إذا كانت الإجراءات الاحترازية، أو الشلل الذى اختاره العالم صحيحا؟ أم أنه مبالغ فيه؟ والأمر ذاته فى حرب روسيا وأوكرانيا، والتى تقترب من عامها الثالث، من دون أفق، ويطرح البعض تساؤلات عما إذا كان هناك احتمال لتجنب الحرب، بجانب كونها تجاوزت كل التوقعات حول مداها، والرهانات على انتهائها أو كونها تقف يوما ما.
 
حرب روسيا وأوكرانيا تطورت إلى صراع طال وامتد إلى ما بين روسيا وأوروبا، وانعكست اقتصاديا على العالم فى صورة أزمة تضخم وارتفاعات فى الأسعار بشكل لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تزال الحرب قائمة، ونحن ندخل عامًا جديدًا، وتدخل عامها الثالث فى فبراير المقبل، من دون أفق، ضمن «صراع نفوذ»، لا يبدو أنه سينتهى لصالح أى طرف بالضربة القاضية.
 
وسط عجز المنظمات الدولية، فى أوكرانيا أو غزة، وفشل النظام العالمى الحالى وحاجته إلى إعادة بناء تجعله أكثر إنسانية وتناسبًا مع شكل العالم الذى لا يعانى فقط من الصراعات، وإنما من تغيرات مناخية، تضاعف من موجات الحر والبرد والأعاصير والجفاف والمجاعات، وتضاعف من «فقدان اليقين»، ويبقى الأمل قائمًا لدى البشر، مع المنجمين أو غيرهم.
 
اليوم السابع
اليوم السابع

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة