إعلام بـ««عين واحدة»».. عقل غربى ولسان عبرى.. انحياز المنصات الصحفية والتليفزيونية بأوروبا وأمريكا لإسرائيل راسخ منذ النكبة حتى الحرب على غزة.. وباحثون: 100 ألف عنوان بـ 5 صحف أمريكية تفضح 50 عاما من الانحياز

الأربعاء، 15 مايو 2024 09:00 م
إعلام بـ««عين واحدة»».. عقل غربى ولسان عبرى.. انحياز المنصات الصحفية والتليفزيونية بأوروبا وأمريكا لإسرائيل راسخ منذ النكبة حتى الحرب على غزة.. وباحثون: 100 ألف عنوان بـ 5 صحف أمريكية تفضح 50 عاما من الانحياز غزة
رباب فتحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم تكن النكبة حدثا عاديا، وبقدر قسوتها شغلت العرب والعالم، وحازت على اهتمام ومواكبة لم تحظ بها أحداث أخرى غيرها. صار معلوما للجميع حجم ما ارتكبته العصابات الصهيونية من جرائم، وما أفضت إليه من معاناة فلسطينية مفتوحة بالموت والتشريد والاقتلاع من الأرض، وإلى اليوم تتصل الجرائم، وتتبدل وتختلف سلوكيات الإعلام.

ومنذ اندلاع العدوان الأخير على غزة، عكست تغطية الإعلام الغربى سياسة الكيل بمكيالين، لا سيما فى الأيام الأولى، إذ سارعت كبرى المنصات الأمريكية والبريطانية، وكبار المسؤولين أيضا، لزيارة تل أبيب بعد أحداث 7 أكتوبر، وتبنى سرديتها الملفقة، والإعراب عن التضامن الكامل مع الاحتلال، وتخصيص أوقات مفتوحة على الهواء لمحللين إسرائيليين ومتعاطفين معهم، دون أى عرض لوجهة النظر المقابلة، وقد نشرت معلومات عديدة مضللة اضطرت لاحقا لحذفها أو الاعتذار عنها.

لاحقا فتح الباب لداعمى فلسطين، بهدف الاختصام والمواجهة والدعاية السلبية، وكان أول الأسئلة المطروحة عليهم «هل تدين هجمات 7 أكتوبر؟»، ما آثار جدلا واسعا بالنظر إلى التركيز على يوم واحد، وتجاهل كل الأيام التالية من الجرائم الوحشية ضد المدنيين فى غزة، وكانت الازدواجية شديدة الوضوح مع مقارنة تعاطيها فى فلسطين، بما حدث إزاء الحرب الروسية الأوكرانية، أو بتبنيها شعار «حق الدفاع عن النفس»، رغم أن أغلب الضحايا من النساء والأطفال.

يقول موقع ذا كونفرسيشن العالمى الصادر من أستراليا: إن وسائل الإعلام الأمريكية كثيرا ما اتهمت بتضليل جمهورها عندما يتعلق الأمر بالعنف ضد الفلسطينيين، ووجدت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 2021، تناولت 50 عاما من تغطية صحيفة نيويورك تايمز للصراع، استخداما غير متناسب لصيغة المبنى للمجهول للإشارة إلى الأعمال السلبية أو العنيفة من إسرائيل.

وقال الموقع فى تقرير سابق: إن استخدام صيغة المبنى للمجهول لغة تساعد فى حماية إسرائيل من التدقيق، متابعا: «صحيفة نيويورك تايمز ليست الوحيدة»، وخلص تحليل أجراه باحثو البيانات فى كندا عام 2019 لأكثر من 100 ألف عنوان رئيسى لنصف القرن من تغطيات خمس صحف أمريكية، إلى أنها تفضل إسرائيل من حيث الكمية الهائلة من القصص، ومن خلال تقديم مزيد من الأخبار تقدم فرصا للإسرائيليين لتضخيم وجهات نظرهم وفرض روايتهم.

وجدت دراسة 2019 أيضا أن الكلمات المرتبطة بالعنف، من المرجح استخدامها فى القصص المتعلقة بالفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، واعتبرت أن إحدى مشكلات استخدام كلمة «اشتباك» كونها تحجب الحوادث التى تهاجم فيها الشرطة الإسرائيلية الفلسطينيين دون أن يشكلوا تهديدا لهم، وقدم الموقع مثالا بإلقاء الضوء على تغطية جنازة الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبوعاقلة، التى اغتالها الاحتلال أثناء عملها، راصدا أن العناوين كانت «اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمشيعين فى الجنازة»، كما نشرت شبكة MSNBC، وكان لصحيفة وول ستريت جورنال عنوان مماثل: «اشتباكات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين فى الضفة الغربية قبل الجنازة»، لكن ما حدث أن الشرطة هاجمت المشيعين وضربت حاملى النعش.

بدأت شبكة فوكس نيوز موضوعا لها بالقول: «اندلعت اشتباكات يوم الجمعة فى القدس أثناء حضور مشيعين دفن صحفية الجزيرة الأمريكية المخضرمة شيرين أبوعاقلة، التى قتلت بالرصاص يوم الجمعة أثناء تغطيتها مداهمة فى مدينة جنين بالضفة الغربية»، دون ذكر من حرض على العنف، أو للقاتل، ولا اختلال توازن القوى بين شرطة مدججة بالسلاح ومدنيين غير مسلحين، بحسب موقع ذا كونفرسيشن.

الأمر نفسه فى أبريل الماضى، إذ هاجمت الشرطة المصلين فى الأقصى خلال شهر رمضان، ووصف العدوان الذى أصاب 152 مدنيا أعزل بأنه «اشتباكات»، ووصفت منظمة العفو الدولية الحادث بأنه «مهاجمة المصلين بوحشية داخل المسجد وحوله، واستخدمت العنف الذى يرقى إلى مستوى التعذيب». والمغرض أن كلمة «اشتباكات» تغطى رواية إسرائيل المحرفة عن تحريض الفلسطينيين على العنف، بينما قاعدة بيانات منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان بشأن القتلى تظهر أنه من عام 2000 حتى 2022 لم يشارك معظم الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، وعددهم 10 آلاف شهيد، فى أى أعمال عدائية وقت مقتلهم.

وفى ورقة بحثية حول الموضوع نفسه، تحمل عنوان «التمثيل الإعلامى الغربى لفلسطين»، جاء أن اللغة المستخدمة فى شبكتى سى إن إن الأمريكية وبى بى سى البريطانية لوصف الجيش الإسرائيلى تحمل كثيرا من الدلالات، إذ يشار للاحتلال باسم القوات الإسرائيلية، بجانب تبرير التصرفات السلبية عبر إعطائها أسبابا، وتحت عنوان «مشكلة تغطية وسائل الإعلام الغربية لقضية فلسطين»، قال الباحث آصف مصطفى حسن فى مقال بصحيفة ديلى ستار البريطانية: إن الفلسطينيين عادة ما يحظون بتغطية غربية رئيسية عندما يحتجون أو يواجهون العدوان جسديا، وتلوّن صرخاتهم باعتبارها تصعيدا للعنف.

وفى المقابل، لا يظهر أى تصعيد للعنف عندما تزيد إسرائيل مداهماتها الليلية لمنازل الفلسطينيين أو يهاجم المستوطنون الآمنون منهم فى مزارعهم، ويقول الباحث: إن التناقض الصارخ فى التقارير يثير تساؤلات مشروعة عن تحريف النضال الفلسطينى، ويخلص إلى أن اللوبى المؤيد لإسرائيل يلعب دورا فى هذا.

تقول سارة حلم، مراسلة سابقة لصحيفة إندبندنت البريطانية: «إنك تتعرض دائما لضغوط لأن هناك لوبى إعلامى إسرائيلى مكثف ومنسق، وكان هناك دائما»، وتؤكد أن محرريها يتعرضون دائما لضغوط من اللوبى فى لندن، وصار الجميع مرعوبين من الوقوع فى الخطأ والاتهام بمعاداة السامية، وبالآلية نفسها يعمل اللوبى فى الولايات المتحدة، ورغم قوة الرواية الغربية الكاذبة وهيمنتها، فما شهدته النكبة قبل ثلاثة أرباع القرن، وما تعيشه غزة اليوم، يقدّمان صورة واقعية عارية من التضليل والمحسّنات، وأقدر على دحض كل التلوين والتخليقات عمليا، وبقوة الدم والشهداء والمظلومية الحقيقية، يقف القاتل الإسرائيلى متلبسا بجريمته، وشاهد الزور الغربى عاريا من كل شىء حتى الكرامة والأخلاق.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة