دندراوى الهوارى

إقحام الأديان السماوية فى التاريخ والآثار خطر.. ونظريات زاهى حواس مرتبكة!

الأحد، 05 مايو 2024 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى مايو 2019 كتبت سلسلة مقالات وصل عددها 20 مقالا، عن الأديان والتاريخ، ولماذا لم تسجل الشواهد الأثرية شيئا عن الأنبياء والرسل، وحذرتُ من إقحام الأديان السماوية فى التاريخ، فالأديان السماوية من صنع الله سبحانه وتعالى، أما التاريخ منتج بشرى، يُكتب بمداد من مشاعر الحب والكراهية، وتقوم على وجهة نظر حمالة أوجه، ما بين الحقيقة والادعاء، ولن نتحدث عن مصطلحات صارت أكليشيهات فى تعريف التاريخ، منها أن المنتصرين هم الذين يكتبونه، ولكن نتحدث عن فكرة أنه منتج بشرى محض، يؤخذ منه ويرد عليه. 


أيضا لا بد من التأكيد على أنه لا يوجد باحث فى التاريخ مهما كانت قيمته وقامته العلمية، يمتلك ناصية الحقيقية المطلقة، والقوامة على تدشين النظريات المتعانقة مع الدين، إلا بأدلة قاطعة، من وثائق وشواهد أثرية لا تقيل الشك!


وعلى النقيض، فإن الكتب السماوية، من عند الله، وعلى الإنسان أن يؤمن بها، وتعريف الإيمان، التَّصديق الجازم بكل ما أخبر به الله ورسوله مع الإقرار والطُّمأنينة، والقَبول والانقياد له، وفى تعريف آخر: هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.


انطلاقا من هذا المفهوم فإن كل ما يتعارض أو يتقاطع مع النص القرآنى - على سبيل المثال -  كأنه لم يكن، فكتاب الله المنزل على رسوله الكريم، الأصدق، ولا يرقى إليه الشك مطلقا، والأحق أن يتبع.


تأسيسا على كل ذلك، نحاول الإجابة وبشكل مبسط عن السؤال الأهم: لماذا لم ترصد الآثار والوثائق والمخطوطات التاريخية، للشعوب القديمة، خاصة الفرعونية والبابلية، شيئا عن الأنبياء والرسل، بدءا من آدم عليه السلام، ومرورا بالأنبياء إدريس ونوح وإبراهيم، ويوسف وموسى؟!


وكيف لحادث جلل، يحفر بأنيابه على جدران ذاكرة الشعوب، من هوله، وما يخلفه من نتائج كارثية على أمن واستقرار الوطن، مثل غرق فرعون وكل جيشه الجرار، فى مياه البحر، ولا تسجل عنه الآثار والتاريخ شيئا؟


بينما الحادث، سجله القرآن بشكل واضح، ففى سورة يونس، يقول المولى عز وجل: «وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيا وَعَدْوا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِى آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، صدق الله العظيم.


القرآن، يذكر كيفية غرق فرعون موسى وجنوده، تفصيليا، بدءا من قرار بنى إسرائيل الخروج من مصر، وهم فيما قيل عددهم ستمائة ألف مقاتل، مما أثار سخط وغضب فرعون، فجمع جنوده، وانطلق وراءهم على رأس حيش جرار، ولحقوا بهم عند شروق الشمس «فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون»، أى كيف المخلص مما نحن فيه؟ فقال: «كلا إن معى ربى سيهدين»، فأمره اللّه تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، فكان كل فرق كالطود العظيم، وجاوزت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه، انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى، وهو فى مائة ألف، وما إن عبر كل أتباع موسى، البحر، أمر اللّه البحر أن يرتطم عليهم، فلم ينجُ منهم أحد، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون، وغشيته سكرات الموت، فقال وهو كذلك: «آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين». 


وقوله تعالى: «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية»، قال ابن عباس وغيره: إنَّ بعض بنى إسرائيل شكّوا فى موت فرعون، فأمر اللّه البحر أن يلقيه بجسده سويا بلا روح، ليتحققوا من موته وهلاكه؛ ولهذا قال تعالى: «فاليوم ننجيك» أى لتكون لبنى إسرائيل دليلا على موتك وهلاكك. 


وهنا، يحاول علماء الأثار والتاريخ، التأكيد على نقطتين جوهريتين، الأولى، أنه يُفهم من القرآن أن فرعون موسى ليس مصريا، كون هذا الاسم لم يذكر منسوبا لمصر أو للمصريين فلم ترد آية واحدة فى القرآن تقول إنه فرعون مصر، على غرار عزيز مصر أو ملك مصر، والأنبياء «إبراهيم ويعقوب ويوسف» رغم مجيئهم إلى مصر ومعاصرتهم لحكام فى عصورهم، إلا أنه لم يطلق على أى من هؤلاء الحكام لقب فرعون، فالحاكم الذى عاصر سيدنا إبراهيم أطلق عليه ملك، والحاكم الذى عاصر سيدنا يوسف أطلق عليه ملك فى خمس مواضع، بينما الحاكم الذى عاصر سيدنا موسى أطلق عليه فرعون فى 74 موضعا فى القرآن، بدون أداة التعريف.


النقطة الثانية، أنه وطالما أن فرعون، وجيشه، ليسوا مصريين، فالمصريون، لا يهمهم تسجيل الحادث، وأن اليهود، يتبنون فكرة أن «فرعون» هو حاكم مصرى!


أما طرح الدكتور زاهى حواس، ردا على هذه القضية، خلال الأيام القليلة الماضية، كان مرتبكا، يشوبه الخوف والقلق من مشايخ التكفير، زاعما أن هناك 70% من آثار مصر لم تكتشف، وهى نسبة لا يمكن تأكيدها علميا، سواء دقتها أو أكثر أو أقل، طالما لا يوجد دليل على ذلك.


والسؤال المحير، إذا كان الملوك المصريون «الفراعنة» نصبوا أنفسهم آلهة، لذلك صار الرسل والأنبياء، معارضين، ومن ثم كان الرفض أن يُذكروا على جدران المعابد والمقابر والوثائق، وكل الشواهد الأثرية باعتبار أن الفرعون متجبر، وأن سلطة الكهنة لا يضاهيها سلطة، فماذا عن الحضارة البابلية، التى لم تسجل شيئا عن أبو الأنبياء إبراهيم؟ فلا يوجد أثر واحد فى الحضارة البابلية العريقة عراقة الحضارة المصرية ذكرت اسم نبى!
وللحديث بقية إن شاء الله.. إن كان فى العمر بقية!










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة