فؤاد قنديل: الكتابة هى زوجتى الأولى وعلاقتنا مكتملة عاطفيًا وجنسيًا

الثلاثاء، 17 مارس 2015 06:03 م
فؤاد قنديل: الكتابة هى زوجتى الأولى وعلاقتنا مكتملة عاطفيًا وجنسيًا الكاتب فؤاد قنديل
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الكاتب الكبير فؤاد قنديل، لم يكن غريبًا أن أصرح فى العديد من المناسبات، بأن زوجتى الأولى والحقيقية هى الكتابة، والزواج بيننا زواج شرعى وكامل بكل تفاصيله العاطفية والجنسية والاجتماعية، وهو زواج كاثوليكى لا يسمح للعلاقة بالانفصام تحت أى ظرف.

جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت مساء أمس، ضمن فعاليات مؤتمر الرواية العربية، فى المجلس الأعلى للثقافة، والمقام فى الفترة من الخامس عشر وحتى الثامن عشر من مارس الجارى، وقدم خلالها فؤاد قنديل شهادة روائية.

وأضاف فؤاد قنديل: هذا الزواج أنجب لنا أولادًا كثيرين أنظر إليهم بعميق الفرح وأتمنى لهم الحظ السعيد، إنهم أمامى الآن قطيعا من الغزلان يجرون ويتقافزون على عشب المروج، منهم من يتعثر ومنهم من لا يعبأ ويقفز عاليا فى فضاء غير محدود فى مشهد ملون بالبهجة والضباب ومنثور المياه وسحر الجمال ومحبة الطبيعة بكل تجلياتها.

وقال فؤاد قنديل، فى أوائل الستينيات تخليت عن كتابة الشعر فقد أحسست إنه ذاتى بدرجة كبيرة ويبعدنى عن تأمل أحوال الناس ولا أستطيع به التعبير عن تعقد الحياة وارتطام البشر بالمصائر الغامضة التى كثيرا ما تسحق النفوس وتقضى على الأحلام لذلك أقبلت على القصة القصيرة ونشرت بالفعل أول قصة وهى "الفوج القادم" عن أم تنتظر ابنها الجندى الذى ذهب إلى اليمن مع الجيش المصرى ولم يعد وكل مرة يقولون لها فى محطة السكك الحديدية: من المؤكد أنه سيأتى فى الفوج القادم.

وأضاف فؤاد قنديل: مضيت مع القصة وكنت أشعر دائما بالرعب من الرواية حتى انفجرت أحداث 67 فزلزلت الأرض من تحت أقدامنا، بعد شهور حاولت أن أكتب قصة قصيرة فلم أستطع وفوجئت بالرواية تناوشنى وتدق بابى وتلح، تحاورت معها وأرهقتنى البداية التى كانت عصية ومراوغة لأنى لاحظت ارتباطها ارتباطا عضويا بالشكل، ولعل العكس هو الصحيح فالشكل ينتظر البداية كى تفتح الباب وتسهم فى رسم الصورة.

وتابع فؤاد قنديل: وسألت نفسى: لماذا أكتب رواية وما الذى يمكن أن أضيفه لمن سبقنى، الإضافة لن تكون بالأساس فى الموضوع ولكن فى التصميم والشكل، إذن فلابد من البحث عن أسلوب يختلف عما هو قائم وسائد فكرت طويلا فى الشكل فلم أهتد إلى أى شكل، كان الأفق رحبا وغائما.

وأضاف فؤاد قنديل: ومع ذلك قررت أن أبدأ لأن الشخصية الرئيسية فى الرواية تكاد تكون شاخصة أمامى بلحمها وشحمها وبنيانها الجسدى وشواغلها النفسية وأحلامها، فقد عرفت سيدة صغيرة وجميلة من الجيران اسمها "أشجان" ولأنى كنت أهوى التصوير لفترة مع الشعر فكرت فى أوقات سابقة أن أرسم لها لوحة من فرط انشغالى بشكلها المميز وظروفها وهكذا رأيت أن أجعلها البطلة بوصفها المانيكان الجاهز.

وتابع فؤاد قنديل: ركزت عليها وحدها مع الإشارات الضرورية لعلاقاتها بالشخصيات المتعاملة معها أو المؤثرة فى مسارها، بدأت أدرك أن المناسب منحها وحدها فصلا تعقبه للآخرين فصولُ. وهكذا كتبت الرواية التى عرفت بعد سنوات أنها الرواية متعددة الأصوات والتى سبقنى إليها فتحى غانم بروايته "الرجل الذى فقد ظله" وفى عام 67 ظهرت "ميرامار" لنجيب محفوظ، لكنى لم أكن قد طالعتها. وانتهيت من الرواية التى سميتها "أشجان" نهاية عام 1969، وقد استقر فى روعى أن البداية هى أصعب الأجزاء لأنها تماثل طلوع الجسر العالى بالنسبة لأنثى مثقلة بالأحمال.

وأشار فؤاد قنديل إلى أنه لما انتهت حرب 73 ظلت بكل تفاصيلها ترافقنى وتشغلنى وتلح لكنى لا أستطيع أن أكتب عنها، وفى الوقت ذاته لم أستطع أن أكتب عن غيرها لأننى عجزت عن صرف أطيافها ووجوه جنودها وكانت علاقتى بها تزداد مع القراءة عنها فى الصحف العربية والأجنبية حتى قررت التخلص منها فقد اعتادت أفكار النصوص أن تحتل رأسى وتغزو عقلى وأنا عاشق لها ومطيع ولا أطلبها أو أنقب عنها، فهى التى تجلسنى إلى المكتب وتعيننى على الرؤية والاهتداء للشكل واختيار الشخصيات وملامحها وكذلك الأماكن والعلاقات والعبارات، ولا أفكر فى كتابة أى نص إلا بعد أن يطاردنى ويزورنى فى النوم واليقظة ويطل فى كل كتاب وكل طعام وكل جلسة.

واستكمل فؤاد قنديل حكايته قائلاً، أعانتنى حماستى لكتابة رواية عن حرب أكتوبر فى الاهتداء إلى فكرة تعدد الأصوات الجغرافية فى الجبهة فارتحت إلى فكرة توزيع الرواية إلى فصول متقابلة، فصل عما يجرى على الجبهة المصرية منذ بداية حرب الاستنزاف يعقبه فصل عما يجرى على الجانب الشرقى من القناة الذى تحتله إسرائيل، وهكذا فصل من هنا وفص من هناك وهكذا خرجت للنور رواية "موسم العنف الجميل"، وشعرت أخيرا بالراحة

وأشار فؤاد قنديل، فى عام 78 أعلن السادات عزمه تغيير مادة الرئاسة فى الدستور لتكون له مدى الحياة فكتبت مقالا أرفض بشدة هذا الاقتراح وأرسلته إلى عدة صحف فلم تنشره واحدة وأرسلته إليه فلم يحفل فبقيت قلقا وأكاد أجن حتى ساورتنى فكرة ملحة عن سقف يضغط على سكان بيت بالتدريج حتى يأتى الوقت الذى اضطروا معه إلى التخلص من النجف والصور واللوحات والمكتبة كلما هبط السقف ودنا من رؤوسهم ثم جاء وقت الانحناء فى الخروج والدخول وعادوا إلى الطبلية وإلى النوم على الأرض وتعددت صور الانكسار حتى أصبح أرباب البيت يدخلونه زحفا على البطون.


موضوعات متعلقة:


- وزير الآثار يشكل لجنة لإعداد أفلام وثائقية لنشر الوعى الأثرى








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة